الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) : لا تثبت اللغة قياسا . خلافا للقاضي وابن سريج .

            [ ص: 256 ] وليس الخلاف في نحو " رجل " ورفع الفاعل . أي لا يسمى مسكوتا عنه إلحاقا بتسمية المعين لمعنى يستلزمه وجودا وعدما . كالخمر للنبيذ للتخمير ، والسارق للنباش للأخذ خفية ، والزاني للائط للوطء المحرم ، إلا بنقل أو استقراء التعميم .

            التالي السابق


            ش - المسألة الخامسة في أن اللغة هل تثبت بالقياس أم لا . فقال معظم أصحابنا والحنفية وجماعة من الأدباء : لا .

            وقال القاضي أبو بكر وابن سريج منا وجماعة من الفقهاء : نعم .

            وليس الخلاف في إطلاق اسم علم تعميمه للأفراد بالنقل ، على ما سكت عنه ، أي لم يسمع إطلاقه عليه من أهل اللغة . مثل " رجل " فإنه وضع لواحد من ذكور بني آدم وعلم تعميمه بالنقل . فإذا أطلق على واحد ، لم يسمع من العرب إطلاقه عليه .

            [ ص: 257 ] لا يقال : إنه إثبات بالقياس ; إذ تناول اللفظ لذلك الواحد علم بالنقل .

            وليس أيضا الخلاف في نحو رفع فاعل لم يسمع من العرب رفعه ; فإنه لا نزاع في جواز رفعه .

            ولا يقال أيضا : إنه إثبات بالقياس ; إذ علم تعميم رفع الفاعل بالاستقراء . فإنا لما استقرأنا الكلام وجدنا كل ما أسند الفعل أو شبهه إليه مقدما عليه مرفوعا ، حصل عندنا قاعدة ، وهي أن : كل فاعل مرفوع ، بحيث لم يبق شك . فإذا جعل فاعلا لم يسمع رفعه من العرب مرفوعا ، لم يكن ذلك قياسا ; إذ علم بالاستقراء أن الرفع وضع لكل فاعل .

            بل إنما الخلاف في أنه هل يسمى مسكوتا عنه ، مثل النبيذ ، مثلا إلحاقا بتسمية ، أي باسم مثل اسم الخمر موضوع المعين ، مثل ماء العنب المخصوص ، لأجل معنى ، مثل التخمير ، يستلزم ذلك المعنى الاسم وجودا وعدما ، أي متى وجد المعنى المذكور وجد الاسم ، ومتى عدم عدم ، [ أم لا ] ; لأنه هو القياس في اللغة .

            والباقي قوله " بتسمية " متعلقة بقوله " يسمى " . والحاصل أن المراد من قولنا : إن اللغة لا تثبت قياسا أنه إذا سمي [ ص: 258 ] معين باسم ، ويوجد في ذلك المعين معنى يستلزم ذلك [ المعنى ] ذلك الاسم وجودا وعدما ، ثم وجد معين آخر مسكوت عنه ، ووجد المعنى المذكور فيه ، فلا يجوز أن يسمى [ المعين ] المسكوت عنه بذلك الاسم لأجل المعنى المستلزم لذلك الاسم . كما [ إذا ] سمي النبيذ بالخمر لأجل التخمير ، وهو الشدة المطربة المخمرة على العقل . وكما إذا سمي النباش بالسارق لأجل الأخذ خفية . وكما إذا سمي اللائط بالزاني لأجل الوطء المحرم .

            قوله : إلا بنقل أو استقراء التعميم ، استثناء من قوله : " لا يسمى " أي لا يسمى المسكوت عنه باسم المعين لأجل المعنى المذكور ، لكن يسمى المسكوت عنه باسم المعين بسبب النقل والاستقراء الدالين على التعميم كما ذكرنا .




            الخدمات العلمية