الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - وأما من توسط أرضا مغصوبة - فحظ الأصولي فيه بيان استحالة تعلق الأمر والنهي معا بالخروج ، وخطأ أبي هاشم .

            وإذا تعين الخروج للأمر - قطع بنفي المعصية به بشرطه . وقول الإمام باستصحاب حكم المعصية مع الخروج ، ولا نهي بعيد . ولا جهتين لتعذر الامتثال .

            [ ص: 391 ]

            التالي السابق


            [ ص: 391 ] ش - لما فرغ عن إثبات كون مثل الصلاة في الدار المغصوبة مأمورا به ومنهيا عنه ، أراد أن يفرق بين الصلاة في الدار المغصوبة وبين الخروج منها .

            وحظ الأصولي بيان استحالة كون الشيء الواحدة من جهة واحدة مأمورا به ومنهيا عنه . أما بيان أن الشيء الواحد مأمور به على التعيين ، منهي عنه كذلك فلا حظ للأصولي فيه ، بل أمره موكول إلى نظر الفقيه .

            فمن توسط أرضا مغصوبة ، فلا حظ للأصولي فيه أن يبين أن الخروج عنها مأمور به أو منهي عنه ، بل حظ الأصولي فيه أن يبين استحالة تعلق الأمر والنهي معا بالخروج عنها ; لأن الخروج عنها ليس له جهتان يتعلق الأمر بإحداهما والنهي بالأخرى .

            وكذلك حظ الأصولي أن يبين خطأ أبي هاشم لاستلزم مذهبه كون الخروج متعلقا للأمر والنهي . وذلك لأن أبا هاشم يذهب إلى أنه يكون عاصيا بالخروج والإقامة معا . وحينئذ يلزم أن يكون الخروج مأمورا به منهيا عنه ; لأن الإقامة إذا كانت عصيانا ، تكون منهيا عنها نهي تحريم ، فيكون الخروج مأمورا به منهيا عنه .

            وإذا تعين الخروج لكونه متعلقا للأمر ، يجب أن يقطع بنفي المعصية ، لأجل الأمر بالخروج ، لكن بشرط نفي المعصية عن نفسه ، وهو أن يقصد الخروج عن الغضب . فإنه لو قصد بالخروج التصرف في ملك الغير لم ينتف المعصية عنه .

            أما لو قصد الخروج عن الغضب انتفى المعصية ; لكون الخروج حينئذ مأمورا به ، والمأمور به لا يكون معصية .

            [ ص: 392 ] وقال إمام الحرمين : يتعين الخروج لكونه متعلقا للأمر ، ولا يكون النهي متعلقا به ، ولكن يستصحب حكم المعصية مع الخروج ; إذ الموجب للمعصية هو الغضب ، وهو باق إلى أن يخرج .

            واستبعد المصنف قول الإمام; لأن المعصية لا يكون إلا بفعل منهي عنه ، وإذا لم يتعلق النهي بالخروج فكيف يتصور كونه معصية .

            قوله : " وقول الإمام " مبتدأ ، وقوله : " بعيد " خبره .

            وقوله : " ولا جهتين لتعذر الامتثال " إشارة إلى دخل مقدر . تقريره أنه يجوز تعلق الأمر والنهي معا بالخروج من جهتين ، كما في الدار المغصوبة .

            وتقرير الجواب أنه لا جهتين للخروج حتى يتعلق الأمر والنهي بهما؛ لأنه يتعذر الامتثال بالخروج لو كان منهيا عنه ، ولو كان للخروج جهتان لم يتعذر الامتثال على تقدير كونه منهيا عنه .




            الخدمات العلمية