الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة ثمان وعشرين ومائة

فمن الحوادث فيها قتل الحارث بن شريح بخراسان . وقد ذكرنا أن يزيد بن الوليد كتب إليه يؤمنه ، وأن الحارث خرج من بلاد الترك إلى خراسان وأتى إلى نصر بن سيار ، فلما ولي ابن هبيرة العراق كتب إلى نصر بعهده ، فبايع لمروان ، فقال الحارث: إنما أمنني يزيد بن الوليد ، ومروان لا يجيز أمان يزيد ، فلا آمنه . فدعي إلى البيعة ، وأرسل إلى نصر فقال: اجعل الأمر شورى ، فأبى نصر ، فخرج الحارث وأمر جهم بن صفوان مولى بني راسب ، فقرأ كتابا فيه سيرة الحارث على الناس ، فانصرفوا يكبرون ، وأرسل الحارث إلى نصر: اعزل فلانا واستعمل فلانا ، فاختاروا قوما يسمون لهم من يعمل بكتاب الله ، فاختار نصر مقاتل بن سليمان ، ومقاتل بن حيان ، واختار الحارث المغيرة الجهضمي ، ومعاذ بن جبلة ، وأمر نصر كاتبه أن يكتب من يرضون من السنن ، وما يختارون من العمال ، وعرض نصر على الحارث أن يوليه ما وراء النهر ، ويعطيه ثلاثمائة ألف ، فلم يقبل ، ثم تناظر نصر والحارث فتراضيا أن يحكم بينهما مقاتل بن حيان ، وجهم بن صفوان ، فحكما أن يعتزل نصر ويكون الأمر شورى ، فلم يقبل نصر ، وكان جهم يقص [ ص: 266 ] في عسكر الحارث ، فاتهم نصر قوما من أصحابه أنهم كاتبوا الحارث ، فأمر نصر مناديا ينادي: إن الحارث عدو الله قد نابذ وحارب ، فاقتتلوا فانهزم الحارث ، وأسر يومئذ جهم بن صفوان صاحب الجهمية وقتل . وكان يكنى أبا محرز ، وآل الأمر إلى قتل الحارث ، وصلب قبله رجل يقال له: الكرماني .

وفي هذه السنة: وجه إبراهيم بن محمد أبا مسلم إلى خراسان وكتب إلى أصحابه: إني قد أمرت بأمري ، فاسمعوا منه واقبلوا قوله ، فإني قد أمرته على خراسان وما غلب عليه بعد ذلك ، فأتاهم فلم يقبلوا قوله وخرجوا من قابل فالتقوا بمكة عند إبراهيم ، فأعلمه أبو مسلم أنهم لم ينفذوا كتابه وأمره؛ وذلك أنه كان حدثا ، فقال إبراهيم: إني كنت عرضت هذا الأمر على غير واحد فأبوا علي ، وقد أجمع رأيي على أبي مسلم ، فاسمعوا له وأطيعوا .

وفي هذه السنة: قتل الضحاك بن قيس الخارجي ، وكان معه عشرون ومائة ألف ، فخرج إلى نصيبين فحاصرها وأقام [بها] ، وأقبل إليه مروان فالتقيا فاقتتلوا ، فقتل الضحاك في المعركة ، فبعث مروان برأسه إلى الجزيرة ، فطيف به فيها .

وقيل: إن هذا كان في سنة تسع وعشرين .

وفي هذه السنة: قتل الخيبري الخارجي . وذلك أنه لما قتل الضحاك أصبح أصحابه فبايعوا الخيبري ، فحمل الخيبري على مروان فانهزم ، ودخل أصحاب الخيبري إلى عسكره وقطعوا أطناب خيمته ، وجلس الخيبري على فرشه ، ثم ثار إليه عبيد من عسكر مروان فقتلوا الخيبري وأصحابه ، ورجع مروان وانصرف أصحاب الخيبري فولوا عليهم شيبان ، فقاتلهم مروان بعد ذلك .

وفي هذه السنة: وجه مروان يزيد بن عمر بن هبيرة إلى العراق لحرب من بها من الخوارج .

[ ص: 267 ]

وفيها: حج بالناس عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، وكان هو العامل على مكة والمدينة والطائف ، وكان بالعراق عمال الضحاك ، وعبد الله بن عمر بن عبد العزيز ، وكان بخراسان نصر بن سيار ، وعلى قضاء البصرة ثمامة بن عبد الله بن أنس .

التالي السابق


الخدمات العلمية