الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (176) قوله تعالى : ولا يحزنك الذين : قرأ نافع "يحزنك " بضم حرف المضارعة من "أحزن " رباعيا في سائر القرآن إلا التي [ ص: 495 ] في قوله : لا يحزنهم الفزع الأكبر فإنه كالجماعة . والباقون بفتح الياء من حزنه ثلاثيا ، فقيل : هما من باب ما جاء فيه فعل وأفعل بمعنى ، وقيل : باختلاف معنى ، فحزنه جعل فيه حزنا نحو : دهنه وكحله أي : جعل فيه دهنا وكحلا ، وأحزنته إذا جعلته حزينا ، ومثل حزنه وأحزنه : فتنه وأفتنه ، قال سيبويه : "وقال بعض الأعراب : أحزنت الرجل وأفتنته أي : جعلته حزينا وفاتنا " . وقيل : حزنته أحدثت له الحزن ، وأحزنته عرضته للحزن ، قاله أبو البقاء . وقد تقدم في البقرة اشتقاق هذه اللفظة وما قيل فيها . وتقدم أيضا أنه يقال : حزن الرجل بالكسر ، فإذا أرادوا تعديته عدوه بالفتحة فيقولون : "حزنته " . كـ "شترت عينه وشترها الله " . والحق أن حزنه وأحزنه لغتان فاشيتان لثبوتهما متواترتين وإن كان أبو البقاء قال : "إن أحزن لغة قليلة " .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن عجيب ما اتفق أن نافعا - رحمه الله - يقرأ هذه المادة من "أحزن " إلا التي في الأنبياء كما تقدم ، وأن شيخه أبا جعفر يزيد بن القعقاع يقرؤها من "حزنه " ثلاثيا إلا التي في الأنبياء ، وهذا من الجمع بين اللغتين ، والقراءة سنة متبعة .

                                                                                                                                                                                                                                      ويقرأ : "يسارعون " بالفتح والإمالة . وقرأ النحوي : "يسرعون " من أسرع في جميع القرآن . قال ابن عطية : "وقرءاة الجماعة أبلغ ، لأن الذي [ ص: 496 ] يسارع غيره أشد اجتهادا من الذي يسرع وحده .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : " شيئا "فيه وجهان ، أحدهما : أنه مصدر أي : لا يضرونه شيئا من الضرر . والثاني : أنه منصوب على إسقاط الخافض أي : لن يضروه بشيء ، وهكذا كل موضع أشبهه ففيه الوجهان .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية