الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - وقوة الشبهة في ( بسم الله الرحمن الرحيم ) منعت من التكفير من الجانبين . [ ص: 462 ] والقطع ( أنها ) لم تتواتر في أوائل السور قرآنا ، فليست بقرآن فيها قطعا ، كغيرها . وتواترت بعض آية في النمل فلا مخالف .

            التالي السابق


            ش - اعلم أن الأمة أجمعوا على أن التسمية في قوله تعالى في النمل : ( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ) من القرآن . ثم اختلفوا في أنها هل هي من القرآن في أوائل السور سوى التوبة ، ؟ أم لا ؟

            فقال الشافعي - رضي الله عنه - : آية من القرآن في أوائل السور . ثم تردد في أنها هل تكون في أول كل سورة آية برأسها ، أو هي مع أول آية من السورة آية .

            ومن الأصحاب من حمل التردد على أنها هل هي من القرآن في كل سورة أو لا .

            قال حجة الإسلام - رحمه الله - حمل قول الشافعي - رضي الله عنه - على الأول ، أصح .

            [ ص: 463 ] وقال فريق من الأصوليين ، منهم القاضي أبو بكر : إنها ليست من القرآن في أوائل السور .

            أما أبو حنيفة - رضي الله عنه - فلم ينص على أنها من القرآن في أوائل السور أم لا ، وقال : يسر بها في الصلاة .

            إذا عرفت ذلك فاعلم أن قول المصنف : " وقوة الشبهة " إلى قوله : " من الجانبين " يمكن أن يكون جوابا لسؤال .

            توجيهه أن يقال : إما أن يحكم بكون التسمية من القرآن في أوائل السور ، أو يحكم بكونها ليست من القرآن فيها . وأيا ما كان يلزم تكفير طائفة من المسلمين ; لأنه يلزم إما جعل ما ليس بقرآن قرآنا ، أو إنكار ما هو من القرآن . وكل واحد منهما موجب للكفر .

            تقرير الجواب أن يقال : لم يلزم تكفير كل واحد من الفريقين ; لأن قوة الشبهة من الجانبين منعت من التكفير من الجانبين .

            فإن قيل : عند المصنف أن الدليل الدال على كون التسمية [ ص: 464 ] في أوائل السور ليست بقرآن قطعي ، فلا يصح إطلاق قوة الشبهة على ذلك الدليل ; لأن قوة الشبهة إنما تطلق عند تعارض الأدلة الظنية . أجيب عنه بأن ذلك الدليل وإن كان قطعيا عنده ، لكنه عند الخصم ليس بقطعي . فبهذا الاعتبار صح إطلاق الشبهة عليه .

            قال بعض الشارحين : والأولى أن يقال : إن التكفير إنما يلزم عند مخالفة القطعي ، ولا مخالفة للقطعي ههنا .

            وفيه نظر ; لأن هذا الجواب لا يستقيم على مذهب المصنف ; لأن مذهبه أن القطعي دال على أنها في أوائل السور ليست بقرآن .

            ثم ذكر المصنف أنها في أوائل السور ليست بقرآن قطعا ; لأنا نقطع بأنها لم تتواتر قرآنا في أوائل السور ، وكل ما لم يتواتر لا يكون قرآنا قطعا . فالتسمية في أوائل السور لا تكون قرآنا قطعا كغيرها الذي لم يتواتر .

            وذكر أنها قد تواترت بعض آية في سورة النمل ، فلا مخالف في أنها قرآن في سورة النمل ; لأن التواتر مقطوع والمقطوع [ لا تخالف فيه ] .

            [ ص: 465 ]



            الخدمات العلمية