الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 1107 ] 51 - كتاب الإيمان والتصديق بأن الله عز وجل كلم موسى عليه السلام

الحمد لله المحمود على كل حال ، وصلى الله على محمد النبي ، وعلى آله وسلم .

أما بعد : فإنه من ادعى أنه مسلم ، ثم زعم أن الله عز وجل لم يكلم موسى فقد كفر ، يستتاب ؛ فإن تاب وإلا قتل .

قيل : لأنه رد القرآن وجحده ، ورد السنة ، وخالف جميع علماء المسلمين ، وزاغ عن الحق ، وكان ممن قال الله عز وجل [ فيهم ] : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) .

فأما الحجة عليهم من القرآن ؛ فإن الله عز وجل قال في سورة النساء : ( وكلم الله موسى تكليما ) .

وقال الله عز وجل في سورة الأعراف : ( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك ) .

[ ص: 1108 ] وقال عز وجل : ( قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ) الآية .

وقال عز وجل في سورة طه : ( فلما أتاها نودي يا موسى * إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى * وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى * إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري ) إلى آخر الآيات .

وقال عز وجل في سورة النمل : ( فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين * يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم ) .

وقال عز وجل في سورة القصص : ( فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين ) .

وقال عز وجل في سورة والنازعات : ( هل أتاك حديث موسى * إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى ) .

[ ص: 1109 ] قال محمد بن الحسين رحمه الله :

فمن زعم أن الله عز وجل لم يكلم موسى رد نص القرآن ، وكفر بالله العظيم .

فإن قال منهم قائل : إن الله تعالى خلق كلاما في الشجرة ، فكلم به موسى .

قيل له : هذا هو الكفر ، لأنه يزعم أن الكلام مخلوق ، تعالى الله عز وجل عن ذلك ، ويزعم أن مخلوقا يدعي الربوبية ، وهذا من أقبح القول وأسمجه .

وقيل له : يا ملحد ؛ هل يجوز لغير الله أن يقول : إني أنا الله ؟ نعوذ بالله أن يكون قائل هذا مسلما ، هذا كافر ، يستتاب ، فإن تاب ورجع عن مذهبه السوء ، وإلا قتله الإمام ، فإن لم يقتله الإمام ، ولم يستتبه ، وعلم منه أن هذا مذهبه هجر ، ولم يكلم ، ولم يسلم عليه ، ولم يصل خلفه ، ولم تقبل شهادته ، ولم يزوجه المسلم كريمته .

التالي السابق


الخدمات العلمية