الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
773 - وأخبرنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي ، قال : حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني ، قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، قال : حدثنا عبد الواحد بن سليم ، قال : حدثنا يزيد الفقير قال : "كنا بمكة من قطانها ، وكان معي أخ لنا يقال له : طلق بن حبيب ، وكنا نرى رأي الحرورية ، فبلغنا أن جابر بن عبد الله الأنصاري قدم ، وكان يلزم في كل موسم ، فأتيناه فقلنا له : بلغنا عنك قول في الشفاعة ، وقول الله عز وجل [ ص: 1202 ] يخالفك ، فنظر في وجوهنا ، وقال : من أهل العراق أنتم ؟ فقلنا : نعم ، قال : فتبسم أو ضحك ، وقال : أين تجدون في كتاب الله عز وجل ؟ قلنا : حيث يقول ربنا عز وجل في كتابه : ( ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ) وقال عز وجل : ( يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ) وقوله عز وجل : ( كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها ) وأشباه هذا من القرآن .

فقال : أنتم أعلم بكتاب الله عز وجل أم أنا ؟

فقلنا : بل أنت أعلم به منا .

قال : فوالله ؛ لقد شهدت تنزيل هذا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد شهدت تأويله من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن الشفاعة في كتاب الله - عز وجل - لمن عقل .

قلنا : وأين الشفاعة ؟

قال : في سورة المدثر : قال : فقرأ علينا : ( ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين * [ ص: 1203 ] فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) . ثم قال : ألا ترونها حلت لمن لم يشرك بالله - عز وجل - شيئا ؟ ! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله - عز وجل - خلق الخلق ، ولم يستعن على ذلك أحدا ، ولم يشاور فيه أحدا ، ثم أماتهم ، ولم يستعن على ذلك أحدا ، ولم يشاور فيه أحدا ، ثم أحياهم ، ولم يستعن على ذلك أحدا ، ولم يشاور فيه أحدا ، فأدخل من شاء الجنة برحمته ، وأدخل من شاء النار بذنبه ، ثم إن الله - عز وجل - تحنن على الموحدين ، فبعث بملك من قبله بماء ونور ، فدخل النار [ فنضح ] فلم يصب إلا من شاء الله ، ولم يصب إلا من خرج من الدنيا ولم يشرك بالله شيئا ، فأخرجهم حتى جعلهم بفناء الجنة ، ثم رجع إلى ربه - عز وجل - : فأمده بماء ونور فنضح ، ولم يصب إلا من شاء الله ، ولم يصب إلا من خرج من الدنيا ولم يشرك بالله شيئا ، إلا أصابه ذلك النضح ، فأخرجهم حتى جعلهم بفناء الجنة ، ثم أذن للشفعاء فشفعوا لهم فأدخلهم الجنة برحمته وشفاعة الشافعين " .

التالي السابق


الخدمات العلمية