الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1026 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي ، قال : حدثنا يزيد بن خالد بن موهب الرملي ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : حدثنا يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب الزهري ، عن أنس بن مالك ، قال : كان أبو ذر يحدث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فرج سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل عليه السلام ، ففرج صدري ، ثم غسله من ماء زمزم ، ثم جاء بطست من ذهب مملوء حكمة وإيمانا ، فأفرغها في صدري ، ثم أطبقه ، ثم أخذ بيدي ، فعرج بي إلى السماء ، فلما جاء السماء الدنيا ، قال : جبريل لخازن السماء : افتح قال : من هذا ؟ قال : جبريل ، قال : هل معك أحد ؟ قال : نعم ، محمد صلى الله عليه وسلم ، قال : أرسل إليه ؟ قال : نعم فافتح ، ففتح قال : فلما علونا السماء الدنيا ، إذا رجل عن يمينه أسودة ، وعن يساره أسودة ، فإذا نظر قبل يمينه ضحك ، وإذا نظر قبل شماله بكى ، فقال : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح . قال : قلت : يا جبريل من هذا ؟ قال : هذا آدم ، وهذه الأسودة عن يمينه ، وعن شماله [ ص: 1528 ] نسم بنيه ، فأهل اليمين منهم أهل الجنة ، والأسودة عن شماله أهل النار ، فإذا نظر عن يمينه ضحك ، وإذا نظر عن شماله بكى .

قال : ثم عرج بي جبريل عليه السلام ، حتى أتينا السماء الثانية ، فقال : لخازنها : افتح ، فقال له خازنها مثل ما قال له خازن سماء الدنيا ، ففتح" .

قال أنس : فذكر أنه وجد في السماوات آدم ، وإدريس ، وعيسى ، وموسى ، وإبراهيم عليهم السلام ، ولم يثبت كيف منازلهم ، غير أنه قد ذكر أنه وجد آدم في سماء الدنيا ، وإبراهيم في السادسة .

وقال : فلما مر جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بإدريس عليه السلام ، قال : مرحبا بالنبي الصالح ، والأخ الصالح ، قال : " ثم مررت . فقلت : من هذا ؟ قال : هذا ، إدريس .

قال : ثم مررت بموسى ، قال : مرحبا بالنبي الصالح ، والأخ الصالح ، قلت : من هذا ؟ قال : هذا موسى ، قال : ثم مررت بعيسى ، فقال : مرحبا بالنبي الصالح ، والأخ الصالح . قلت : من هذا ؟ قال : هذا عيسى . قال : ثم مررت بإبراهيم عليه السلام ، فقال : مرحبا بالنبي الصالح ، والابن الصالح ، قلت : من هذا ؟ قال : هذا إبراهيم عليه السلام " .


قال ابن شهاب : فأخبرني ابن حزم ، أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري كانا يقولان : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ثم عرج بي حتى ظهرت [ ص: 1529 ] بمستوى العرش" .

قال ابن حزم وأنس بن مالك : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ففرض الله عز وجل ، على أمتي خمسين صلاة" قال : " فرجعت بذلك حتى مررت بموسى عليه السلام ، فقال : موسى ، ماذا فرض ربك على أمتك ؟ قال : قلت : "فرض عليهم خمسين صلاة" . قال : موسى ، راجع ربك ، فإن أمتك لا تطيق ذلك . قال : "فراجعت ربي عز وجل ، فوضع شطرها" قال : فرجعت إلى موسى ، فأخبرته ، قال : راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، قال : "فراجعت ربي عز وجل " ، فقال : " هي خمس ، وهي خمسون ، " لا يبدل القول لدي" ، قال : "فرجعت إلى موسى" ، قال : راجع ربك ، فقلت : "قد استحييت من ربي عز وجل" .

قال : "ثم انطلق بي حتى أتى بي سدرة المنتهى ، فغشاها ما غشى من ألوان ما أدري ما هي" ، قال : "ثم أدخلت الجنة ، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ ، وإذا ترابها المسك" .


التالي السابق


الخدمات العلمية