الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
809 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن أنس بن مالك : أن الأنبياء - عليهم السلام - ذكروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "والذي نفسي بيده ! ، إني لسيد الناس يوم القيامة ولا فخر ، وإن بيدي لواء الحمد ، إن تحته آدم - عليه السلام - ومن دونه ، ولا فخر . قال : ينادي الله - عز وجل - يومئذ آدم ، فيقول آدم : لبيك رب وسعديك ، فيقول : "أخرج من ذريتك بعث النار" ، فيقول : وما بعث النار ، فيقول : " من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين ، فيخرج مالا يعلم عدده إلا الله - عز وجل - ، فيأتون آدم - عليه السلام - فيقولون : أنت آدم ، أكرمك الله ، وخلقك بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسكنك جنته ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ، فاشفع لذريتك ، لا تحرق اليوم بالنار ، فيقول : ليس ذلك إلي اليوم ، ولكن سأرشدكم ، عليكم بعبد اتخذه الله خليلا وأنا معكم ، فيأتون إبراهيم - عليه السلام - ، فيقولون : يا إبراهيم ، أنت عبد اتخذك الله خليلا ، فاشفع لذرية آدم ، لا تحرق اليوم بالنار ، فيقول : ليس ذلك إلي ، ولكن سأرشدكم ، عليكم بعبد اصطفاه الله - عز وجل - بكلامه ورسالاته ، وألقى عليه محبة منه ، موسى ، وأنا معكم ، فيأتون موسى ، فيقولون : يا موسى ، أنت عبد اصطفاك الله برسالاته وكلامه ، وألقى عليك محبة منه ، اشفع لذرية آدم ، لا تحرق [ ص: 1240 ] اليوم بالنار ، قال : ليس ذلك اليوم إلي ، ولكن سأرشدكم ، عليكم بروح الله وكلمته : عيسى ابن مريم ، فيأتون عيسى ابن مريم - عليه السلام - ، فيقولون يا عيسى ؛ أنت روح الله وكلمته ، اشفع لذرية آدم ، لا تحرق اليوم بالنار ، قال : ليس ذلك اليوم إلي ، عليكم بعبد جعله الله - عز وجل - رحمة للعالمين ، أحمد صلى الله عليه وسلم ، وأنا معكم ، فيأتوني ، فيقولون : يا أحمد ؛ جعلك الله رحمة للعالمين ، فاشفع لذرية آدم ، لا تحرق اليوم بالنار ، فأقول : نعم ، أنا صاحبها ، فآتي حتى آخذ بحلقة باب الجنة ، فيقال : من هذا ؟ فأقول : "أنا أحمد ، فيفتح لي ، فإذا نظرت إلى الجبار - تبارك وتعالى - خررت ساجدا ، ثم يفتح لي من التحميد والثناء على الرب - عز وجل - شيء لا يحسن الخلق" ، ثم يقال : "سل تعطه ، واشفع تشفع" ، فأقول : "يا رب ، ذرية آدم لا تحرق اليوم بالنار " ، فيقول : اذهبوا ، فمن وجدتم في قلبه مثقال [ ص: 1241 ] دينار من إيمان فأخرجوه ، ثم يعودون إلي ، فيقولون : ذرية آدم لا تحرق اليوم بالنار ، قال : فآتي حتى آخذ بحلقة باب الجنة ، فيقال : من هذا ؟ فأقول : "أحمد . فيفتح لي ، فإذا نظرت إلى الجبار - تبارك وتعالى - خررت ساجدا ، فأسجد مثل سجودي أول مرة ، ومثله معه ، فيفتح لي من الثناء على الله - عز وجل - والتحميد مثل ما فتح لي أول مرة" ، فيقال : "ارفع رأسك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع" ، فأقول : "يا رب ، ذرية آدم ، لا تحرق اليوم بالنار" ، فيقول : "أخرجوا له من كان في قلبه مثقال قيراط من إيمان" ، ثم يعودون إلي ، فآتي حتى أصنع كما صنعت ، فإذا نظرت إلى الجبار - عز وجل - خررت ساجدا ، فأسجد كسجودي أول مرة ومثله معه ، ويفتح لي من الثناء والتحميد مثل ذلك ، ثم يقال : "سل تعطه ، واشفع تشفع" فأقول : "يا رب ، ذرية آدم ، لا تحرق اليوم بالنار" ، فيقول : "اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه ، [ ص: 1242 ] فيخرجون ما لا يعلم عدتهم إلا الله - عز وجل - ، ويبقى أكثرهم ، ثم يؤذن لآدم بالشفاعة ، فيشفع لعشرة آلاف ألف ، ثم يؤذن للملائكة والنبيين ، فيشفعون ، حتى إن المؤمن ليشفع لأكثر من ربيعة ومضر" .

التالي السابق


الخدمات العلمية