الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - قالوا : يؤدي إلى تحليل الحرام وعكسه . قلنا : إن كان المصيب واحدا ، فالمخالف ساقط ، كالتعبد بالمفتى والشهادة . وإلا فلا يرد .

            وإن تساويا فالوقف أو التخيير يدفعه .

            التالي السابق


            ش - الجبائي ومن تابعه قالوا : لو جاز التعبد بخبر العدل الواحد عقلا ، لأدى إلى تحليل الحرام وعكسه ، أي تحريم الحلال . والتالي ظاهر الفساد .

            أما الملازمة فلأنه إذا جاز التعبد بخبر العدل الواحد عقلا ، جاز التعبد بخبر كل عدل عقلا; إذ لا قائل بالفرق . وإذا جاز عقلا التعبد بخبر كل عدل واحد ، أدى إلى تحليل الحرام وعكسه ; لأنه لو أخبر واحد بحرمة فعل وآخر بحله ، وجاز التعبد به عقلا ، فيؤدي إلى جواز التعبد بهما ، فيلزم تحليل ما حرم ، وبالعكس . أجاب بأن المصيب في الاجتهاد إن كان واحدا ، فلا نسلم تحليل [ ص: 670 ] ما حرم وعكسه ; لأن حكم المصيب حينئذ هو الثابت في علم الله تعالى . والحكم المخالف لحكم المصيب ليس هو بحكم في علم الله تعالى ، وإن كان المجتهد مأمورا بالعمل بموجبه ، كما في التعبد بالإفتاء وشهادة الشاهدين ; فإنه يجب العمل بهما وإن كان خطأ .

            ولا يلزم من العمل به تحريم ما حل وعكسه ; لأن حكمهما ليس هو بحكم ثابت في علم الله تعالى ; أن الحكم فيه إما الحل أو الحرمة .

            وأن كان [ كل ] مجتهد مصيبا فلا يرد أيضا ما ذكرتم من تحليل الحرام وعكسه ; لأنه حينئذ كل واحد من الحكمين ثابت في علم الله تعالى ، من غير أن يصير أحدهما الآخر .

            قوله : " وإن تساويا " إشارة إلى جواب دخل مقدر . توجيهه أن يقال : الجواب الذي ذكرتم إنما يتم لو كان أحد الخبرين راجحا والآخر مرجوحا ، ليلزم سقوط المرجوح المخالف للصواب الذي هو الراجح . أما إذا كان الخبران تساويا ، يلزم اجتماع الحكمين المتنافيين في واقعة واحدة ، فيلزم المحال المذكور .

            تقرير الجواب أن يقال : لا نسلم اجتماع الحكمين المتنافيين على تقدير تساوي الخبرين ; فإن عند تساوي الخبرين يتوقف حتى يتعين الرجحان ، كما هو عند بعض . أو يتخير بينهما ، كما هو عند بعض .

            والتخيير أو الوقف يمنع لزوم اجتماع الحكمين المتنافيين في واقعة واحدة .

            [ ص: 671 ]



            الخدمات العلمية