الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          [ ص: 22 ] المسألة السابعة

          اللفظ الوارد من جهة الشارع إذا أمكن حمله على حكم شرعي مجدد ، وأمكن حمله على الموضوع اللغوي اختلفوا فيه .

          فذهب الغزالي : إلى أنه مجمل لتردده بين الاحتمالين من غير مزية ، وذهب غيره : إلى أنه ظاهر في الحكم الشرعي ، وهو المختار .

          وذلك مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - : " الطواف بالبيت صلاة " [1] فإنه يحتمل أنه أراد به أنه كالصلاة حكما في الافتقار إلى الطهارة ، ويحتمل أنه أراد به أنه مشتمل على الدعاء الذي هو صلاة لغة ، وكقوله - صلى الله عليه وسلم - : " الاثنان فما فوقهما جماعة " [2] فإنه يحتمل أنه أراد به أنهما جماعة حقيقة ، ويحتمل أنه أراد به انعقاد الجماعة بهما وحصول فضيلتها ، وإنما قلنا بكونه ظاهرا في الحكم الشرعي للإجمال والتفصيل : أما الإجمال فما ذكرناه فيما تقدم .

          وأما التفصيل فهو أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما بعث لتعريف الأحكام الشرعية ، التي لا تعرف إلا من جهته لا لتعريف ما هو معروف لأهل اللغة : فوجب حمل اللفظ عليه لما فيه من موافقة مقصود البعثة .

          [ ص: 23 ] فإن قيل : ما ذكرتموه من الترجيح مقابل بمثله ، وبيانه أن حمل اللفظ على الحكم الشرعي المجدد مخالف للنفي الأصلي ، بخلاف الحمل على الموضوع الأصلي .

          قلنا : إلا أنا لو حملناه على تعريف الموضوع اللغوي كانت فائدة لفظ الشارع التأكيد بتعريف ما هو معروف لنا ، ولو حملناه على تعريف الحكم الشرعي كانت فائدته التأسيس وتعريف ما ليس معروفا لنا ، وفائدة التأسيس أصل ، وفائدة التأكيد تبع ، فكان حمله على التأسيس أولى .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية