الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قرأت على السيدة الأصيلة، مؤنسة خاتون، ابنة المولى السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب رحم الله سلفها، أخبرتك الشيخة الأصيلة أم هانئ عفيفة بنت أحمد بن عبد الله الفارقانية إجازة قالت: أنا أبو طاهر عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن الصباغ ، أخبرنا أبو نعيم ، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ، حدثنا أبو جعفر محمد بن نصر الصائغ ، حدثنا إبراهيم بن حمزة ، حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال: بعثني خالي عثمان بن مظعون لآتيه بلحاف، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنته وهو بالخندق فأذن لي وقال لي: "من لقيت منهم فقل لهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا". قال: وكان ذلك في برد شديد، فلقيت الناس فقلت لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا، قال: والله ما عطف علي منهم اثنان أو واحد.

[ ص: 86 ] كذا وقع في هذا الخبر عثمان بن مظعون ، وعثمان بن مظعون توفي قبل هذا، وإخوة عثمان: قدامة ، والسائب ، وعبد الله، تأخروا. وقدامة مذكور فيمن شهد الخندق، وهم أخوال عبد الله بن عمر رضي الله عنهم.

قال ابن إسحاق: فأنزل الله عز وجل في ذلك: ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه ) إلى قوله: ( إن الله غفور رحيم ) ثم قال: يعني للمنافقين الذين كانوا يتسللون من العمل ويذهبون من غير إذن ( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ) الآية إلى قوله:

( أو يصيبهم عذاب أليم ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ) من صدق أو كذب إلى قوله - ( والله بكل شيء عليم ) .

وقال ابن سعد: وتجهزت قريش، وجمعوا أحابيشهم ومن تبعهم من العرب، فكانوا أربعة آلاف، وعقدوا اللواء في دار الندوة، وحمله عثمان بن أبي طلحة، وقادوا معهم ثلاثمائة فرس، وكان معهم ألف وخمسمائة بعير، وخرجوا يقودهم أبو سفيان بن حرب ووافتهم بنو سليم بمر الظهران، وكانوا سبعمائة، يقودهم سفيان بن عبد شمس، حليف حرب بن أمية، وهو أبو أبي الأعور السلمي الذي كان مع معاوية بصفين، وخرجت معهم بنو أسد، يقودهم طليحة بن خويلد الأسدي، وخرجت فزارة فأوعبت، وهم ألف يقودهم عيينة بن حصن، وخرجت أشجع وهم أربعمائة، يقودهم مسعود بن رخيلة، وخرجت بنو مرة وهم أربعمائة، يقودهم الحارث بن عوف، وخرج معهم غيرهم.

وقد روى الزهري أن الحارث بن عوف رجع ببني مرة فلم يشهد الخندق منهم أحد، وكذلك روت بنو مرة، والأول أثبت أنهم قد شهدوا الخندق مع الحارث بن عوف، فكان جميع القوم الذين وافوا الخندق ممن ذكر من القبائل عشرة آلاف وهم الأحزاب وكانوا ثلاثة عساكر وعناج الأمر إلى أبي سفيان.

[ ص: 87 ] فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب الناس، وأخبرهم خبر عدوهم، وشاورهم في أمرهم، فأشار عليه سلمان بالخندق، فأعجب ذلك المسلمين، وعسكر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سفح سلع وكان المسلمون يومئذ ثلاثة آلاف، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، ثم خندق على المدينة ، فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده لينشط الناس، وكمل في ستة أيام.

انتهى ما نقله ابن سعد.

التالي السابق


الخدمات العلمية