الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومسطح: لقب، واسمه عوف بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف. ذكر الأموي: عن أبيه، عن ابن إسحاق، قال: قال أبو بكر ، لمسطح:


يا عوف ويحك هلا قلت عارفة من الكلام ولم تتبع به طمعا     وأدركتك حميا معشر أنف
ولم تكن قاطعا يا عوف منقطعا [ ص: 146 ]     فأنزل الله وحيا في براءتها
وبين عوف وبين الله ما صنعا     فإن أعش أجز عوفا عن مقالته
شر الجزاء إذا ألفيته تبعا

قال أبو عمر: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالذين رموا عائشة بالإفك حين نزل القرآن ببراءتها، فجلدوا الحد ثمانين فيما ذكر أهل السير والعلم والخبر.

ووقع في هذا الحديث: فقام سعد بن معاذ الأنصاري، فقال: يا رسول الله أنا أعذرك منه، ووقع عند ابن إسحاق في هذا الخبر بدل سعد بن معاذ ، أسيد بن حضير، فمن الناس من يرى أن ذكر سعد في هذا الخبر وهم، لأن سعدا مات عند انقضاء أمر بني قريظة ، ويرى أن الصواب ما ذكره ابن إسحاق من ذكر أسيد بن حضير.

ولو اتفق أهل المغازي على أن وقعة الخندق وبني قريظة متقدمة على غزوة بني المصطلق لكان الوهم لازما لمن رآه كذلك، ولكن هم مختلفون في ترتيب هذه المغازي كما سبق في هذه وغيرها.

ورأيت عن الحاكم أبي عبد الله، أن سبب هذا الخلاف إنما هو لاختلاف في التاريخ: هل هو لمقدم النبي صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول كما هو عند قوم، أو للعام الذي قدم فيه كما هو عند آخرين، وذلك لا يتم لأمرين:

أحدهما: أن تلك المدة التي وقع الاختلاف فيها إنما هي نحو ثلاثة أشهر، وهي من أول العام إلى ربيع الأول، وزمن الخلاف أوسع من ذلك، فهذه الغزوة عند ابن عقبة في سنة أربع. وعند غيره في شعبان سنة ست.

والثاني: أنها مختلفة الترتيب عندهم، في تقديم بعضها على بعض، فهذه عند ابن سعد وجماعة: قبل الخندق، وعند ابن إسحاق وآخرين: بعدها، وذلك غير الأول، وأما ابن سعد فإنه يؤرخ هذه الوقائع بالأشهر لا بالسنين.

وفي هذه الغزوة نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن العزل، أخبرنا أبو عبد الله بن عبد المؤمن، بقراءة الحافظ أبي الحجاج المزي عليه وأنا أسمع بمرج دمشق، قال: أخبركم المؤيد بن الأخوة إجازة من أصبهان؟ فأقر به قال: أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي ، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، قال: أنا أبو طاهر محمد بن الفضل، أخبرنا جدي أبو بكر محمد بن [ ص: 147 ] إسحاق بن خزيمة ، حدثنا علي (هو ابن حجر) ، حدثنا إسماعيل (هو ابن جعفر) ، حدثنا ربيعة (هو ابن أبي عبد الرحمن) ، عن محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ ، عن ابن محيريز; أنه قال: دخلت أنا وأبو صرمة على أبي سعيد الخدري، فسأله أبو صرمة فقال: يا أبا سعيد، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر العزل؟ فقال: نعم، غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بني المصطلق، فسبينا كرائم العرب، فطالت علينا العزبة، ورغبنا في الفداء، فأردنا أن نستمتع ونعزل، فقلنا: نفعل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا لا نسأله؟ فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لا عليكم أن لا تفعلوا، ما كتب الله خلق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا ستكون" .

قال ابن سعد: وفيها سقط عقد لعائشة ، فاحتبسوا على طلبه، فنزلت آية التيمم.

فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر.

التالي السابق


الخدمات العلمية