الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفد النخع

وقدم على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وفد النخع ، وهم آخر وفد ، قدموا للنصف من المحرم سنة إحدى عشرة في مائتي رجل ، فنزلوا دار الأضياف ، ثم جاؤوا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، مقرين بالإسلام ، وقد كانوا بايعوا معاذ بن جبل ، فقال رجل منهم يقال له زرارة بن عمرو : يا رسول الله ، إني رأيت في سفري هذا عجبا ، قال : "وما رأيت ؟" قال : رأيت أتانا تركتها في الحي كأنها ولدت جديا أسفع أحوى ، فقال له رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "هل تركت أمة لك مصرة على حمل" قال : نعم ، قال : "فإنها قد ولدت غلاما ، وهو ابنك" . قال : يا رسول الله ، فما باله أسفع أحوى ؟ قال : "ادن مني" ، فقال : "هل بك من برص تكتمه ؟" ، قال : والذي بعثك بالحق ما علم به أحد ولا اطلع عليه غيرك . قال : "فهو ذلك" . قال : يا رسول الله ، ورأيت النعمان بن المنذر عليه قرطان ودملجان ومسكتان . قال : "ذلك ملك العرب رجع إلى أحسن زيه وبهجته" . قال : يا رسول الله ، ورأيت عجوزا شمطاء خرجت من الأرض ، قال : "تلك بقية الدنيا" ، قال : ورأيت نارا خرجت من الأرض فحالت بيني وبين ابن لي يقال له عمرو ، وهي تقول : لظى لظى ، بصير وأعمى ، أطعموني أكلكم أهلككم ومالكم ، قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "تلك فتنة تكون في آخر الزمان" ، قال : يا رسول الله ، وما الفتنة ؟ قال : "يقتل الناس إمامهم ، ويشتجرون اشتجار أطباق الرأس - وخالف رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بين أصابعه - يحسب المسيء فيها أنه محسن ، ويكون دم المؤمن عند المؤمن أحل من شرب الماء ، وإن مات ابنك أدركت الفتنة ، وإن مت أنت أدركها ابنك" ، [ ص: 343 ] قال : يا رسول الله ، ادع الله أن لا أدركها ، فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "اللهم لا يدركها" ، فمات ، وبقي ابنه ، وكان ممن خلع عثمان رضي الله تعالى عنه .

* والمسك : مفتوح الميم والسين المهملة : الذبل . والمسك : الأسورة والخلاخل من الذبل والقرون والعاج ، واحدته مسكة . قاله ابن سيده .

التالي السابق


الخدمات العلمية