( سن ) السين والنون أصل واحد مطرد ، وهو جريان الشيء وإطراده في سهولة ، والأصل قولهم سننت الماء على وجهي أسنه سنا ، إذا أرسلته إرسالا . ثم اشتق منه رجل مسنون الوجه ، كأن اللحم قد سن على وجهه . والحمأ المسنون من ذلك ، كأنه قد صب صبا .
[ ص: 61 ] ومما اشتق منه السنة ، وهي السيرة . وسنة رسول الله عليه السلام : سيرته . قال
الهذلي :
فلا تجزعن من سنة أنت سرتها فأول راض سنة من يسيرها
وإنما سميت بذلك لأنها تجري جريا . ومن ذلك قولهم : امض على سننك وسننك ، أي وجهك . وجاءت الريح سنائن ، إذا جاءت على طريقة واحدة . ثم يحمل على هذا : سننت الحديدة أسنها سنا . إذا أمررتها على السنان . والسنان هو المسن . قال الشاعر :
سنان كحد الصلبي النحيض
والسنان للرمح من هذا ; لأنه مسنون ، أي ممطول محدد . وكذلك السناسن ، وهي أطراف فقار الظهر ، كأنها سنت سنا .
ومن الباب : سن الإنسان وغيره مشبه بسنان الرمح . والسنون : ما يستاك به ; لأنه يسن به الأسنان سنا . فأما الثور . فأما قولهم : سن إبله ، إذا رعاها ، فإن معنى ذلك أنه رعاها حتى حسنت بشرتها ، فكأنها قد صقلت صقلا ، كما تسن الحديدة . هذا معنى الكلام ، ويرجع إلى الأصل الذي أصلناه .
( سَنَّ ) السِّينُ وَالنُّونُ أَصْلٌ وَاحِدٌ مُطَّرِدٌ ، وَهُوَ جَرَيَانُ الشَّيْءِ وَإِطْرَادُهُ فِي سُهُولَةٍ ، وَالْأَصْلُ قَوْلُهُمْ سَنَنْتُ الْمَاءَ عَلَى وَجْهِي أَسُنُّهُ سَنًّا ، إِذَا أَرْسَلْتَهُ إِرْسَالًا . ثُمَّ اشْتُقَّ مِنْهُ رَجُلٌ مَسْنُونُ الْوَجْهِ ، كَأَنَّ اللَّحْمَ قَدْ سُنَّ عَلَى وَجْهِهِ . وَالْحَمَأُ الْمَسْنُونُ مِنْ ذَلِكَ ، كَأَنَّهُ قَدْ صُبَّ صَبًّا .
[ ص: 61 ] وَمِمَّا اشْتُقَّ مِنْهُ السُّنَّةُ ، وَهِيَ السِّيرَةُ . وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : سِيرَتُهُ . قَالَ
الْهُذَلِيُّ :
فَلَا تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أَنْتَ سِرْتَهَا فَأَوَّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُهَا
وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَجْرِي جَرْيًا . وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ : امْضِ عَلَى سَنَنِكَ وَسُنَنِكَ ، أَيْ وَجْهِكَ . وَجَاءَتِ الرِّيحُ سَنَائِنَ ، إِذَا جَاءَتْ عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ . ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى هَذَا : سَنَنْتُ الْحَدِيدَةَ أَسُنُّهَا سَنًّا . إِذَا أَمْرَرْتَهَا عَلَى السِّنَانِ . وَالسِّنَانُ هُوَ الْمِسَنُّ . قَالَ الشَّاعِرُ :
سِنَانٌ كَحَدِّ الصُّلَّبِيِّ النَّحِيضِ
وَالسِّنَانُ لِلرُّمْحِ مِنْ هَذَا ; لِأَنَّهُ مَسْنُونٌ ، أَيْ مَمْطُولٌ مُحَدَّدٌ . وَكَذَلِكَ السَّنَاسِنُ ، وَهِيَ أَطْرَافُ فَقَارِ الظَّهْرِ ، كَأَنَّهَا سُنَّتْ سَنًّا .
وَمِنَ الْبَابِ : سِنُّ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ مُشَبَّهٌ بِسِنَانِ الرُّمْحِ . وَالسَّنُونُ : مَا يُسْتَاكُ بِهِ ; لِأَنَّهُ يُسَنُّ بِهِ الْأَسْنَانُ سَنًّا . فَأَمَّا الثَّوْرُ . فَأَمَّا قَوْلُهُمْ : سَنَّ إِبِلَهُ ، إِذَا رَعَاهَا ، فَإِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ رَعَاهَا حَتَّى حَسُنَتْ بَشَرَتُهَا ، فَكَأَنَّهَا قَدْ صُقِلَتْ صَقْلًا ، كَمَا تُسَنُّ الْحَدِيدَةُ . هَذَا مَعْنَى الْكَلَامِ ، وَيَرْجِعُ إِلَى الْأَصْلِ الَّذِي أَصَّلْنَاهُ .