الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( شعب ) الشين والعين والباء أصلان مختلفان ، أحدهما يدل على الافتراق ، والآخر على الاجتماع . ثم اختلف أهل اللغة في ذلك ، فقال قوم : هو [ ص: 191 ] من باب الأضداد . وقد نص الخليل على ذلك . وقال آخرون : ليس ذلك من الأضداد ، إنما هي لغات . قال الخليل : من عجائب الكلام ووسع العربية ، أن الشعب يكون تفرقا ، ويكون اجتماعا . وقال ابن دريد : الشعب : الافتراق ، والشعب : الاجتماع . وليس ذلك من الأضداد ، وإنما هي لغة لقوم . فالذي ذكرناه من الافتراق . وقولهم للصدع في الشيء شعب . ومنه الشعب : ما تشعب من قبائل العرب والعجم ، والجمع شعوب . قال جل ثناؤه : وجعلناكم شعوبا وقبائل . ويقال الشعب : الحي العظيم . قالوا : ومشعب الحق : طريقه . قال الكميت :


                                                          فما لي إلا آل أحمد شيعة وما لي إلا مشعب الحق مشعب

                                                          ويقال : انشعبت بهم الطرق ، إذا تفرقت ، وانشعبت أغصان الشجرة . فأما شعب الفرس ، فيقال إنه أقطاره التي تعلو منه ، كالعنق والمنسج ، وما أشرف منه . قال :


                                                          أشم خنذيذ منيف شعبه



                                                          ويقال ظبي أشعب ، إذا تفرق قرناه فتباينا بينونة شديدة . قال أبو دؤاد :


                                                          وقصرى شنج الأنسا     ء نباح من الشعب



                                                          [ ص: 192 ] والشعب : ما انفرج بين الجبلين . وشعوب : المنية ; لأنها تشعب ، أي تفرق . ويقال شعبتهم المنية فانشعبوا ، أي فرقتهم فافترقوا . والشعيب : السقاء البالي ، وإنما سمي شعيبا لأنه يشعب الماء الذي فيه ، أي لا يحفظه بل يسيله . قال :


                                                          ما بال عيني كالشعيب العين



                                                          قال ابن دريد : " وسمي شعبان لتشعبهم فيه ، وهو تفرقهم في طلب المياه " . وفي الحديث : ما هذه الفتيا التي شعبت الناس ؟ . أي فرقتهم . وأما الباب الآخر فقولهم شعب الصدع ، إذا لاءمه . وشعب العس وما أشبهه . ويقال للمثقب المشعب . وقد يجوز أن يكون الشعب الذي في باب القبائل سمي للاجتماع والائتلاف . ويقولون : تفرق شعب بني فلان . وهذا يدل على الاجتماع . قال الطرماح :


                                                          شت شعب الحي بعد التئام



                                                          ومن هذا الباب وإن لم يكن مشتقا شعبعب ، وهو موضع . قال :


                                                          هل أجعلن يدي للخد مرفقة     على شعبعب بين الحوض والعطن

                                                          وشعبى : موضع أيضا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية