قوله ( الثالث : المطالبة بها على الفور    ) . هذا الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم ، ونص عليه . بل هو المشهور  عنه    .  وعنه    : أنها على التراخي ما لم يرض كخيار العيب . اختاره  القاضي يعقوب    . قاله الحارثي  وغيره . وحكى جماعة وعدهم رواية بثبوتها على التراخي . لا تسقط ما لم يوجد منه ما يدل على الرضى أو دليله . كالمطالبة بقسمة أو بيع ، أو هبة ، نحو : بعنيه ، أو هبه لي ، أو قاسمني ، أو بعه لفلان ، أو هبه له . انتهى . والتفريع على الأول . قوله ( ساعة يعلم ) . نص عليه . هذا المذهب . أعني أن المطالبة على الفور ساعة يعلم . نص عليه . وعليه أكثر الأصحاب . وجزم به ابن البنا  في خصاله ، والعمدة ، والوجيز ، ومنتخب الأزجي  ، وغيرهم . وقدمه في الهداية ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والكافي ، والهادي ، والتلخيص ، والمحرر ، والشرح ، والرعايتين ، والنظم ، وشرح ابن منجا  والحارثي  ، والفروع ، والفائق ، وإدراك الغاية ، وغيرهم . نقل ابن منصور    : لا بد من طلبها حين يسمع حتى يعلم طلبه . ثم له أن يخاصم ولو بعد أيام . 
قاله في الفروع وغيره . وقال  القاضي    : له طلبها في المجلس ، وإن طال . وهو رواية عن  الإمام أحمد    .  [ ص: 261 ] واختارها ابن حامد  أيضا ، وأكثر أصحاب  القاضي  ، منهم الشريفان أبو جعفر  ، والزيدي   وأبو الخطاب  في رءوس المسائل ،  وابن عقيل  ، والعكبري  ، وغيرهم . قال الحارثي    : وهذا يتخرج من نص  الإمام أحمد  رحمه الله على مثله في خيار المجبرة ومن غيره . قال : وهذا متفرع على القول بالفورية ، كما في التمام ، وفي المغني . لأن المجلس كله في معنى حالة العقد . بدليل التقابض فيه لما يعتبر له القبض . ينزل منزلة حالة العقد . ولكن إيراده هنا مشعر بكونه قسيما للفورية . انتهى . قال في الفروع : اختاره  الخرقي  ، وابن حامد  ،  والقاضي  ، وأصحابه . قلت    : ليس كما قال عن  الخرقي  ، بل ظاهر كلامه : وجوب المطالبة ساعة يعلم . فإنه قال : ومن لم يطالب بالشفعة في وقت علمه بالبيع  فلا شفعة له . انتهى . وأطلقهما في المذهب . 
تنبيهان : إحداهما : قال الحارثي    : وفي جعل هذا شرطا إشكال . وهو أن المطالبة بالحق فرع ثبوت ذلك الحق . ورتبة ذلك الشرط تقدمه على المشروط . فكيف يقال بتقدم المطالبة على ما هو أصل له ؟ هذا خلف . أو نقول : اشتراط المطالبة يوجب توقف الثبوت عليها . ولا شك في توقف المطالبة على الثبوت . فيكون دورا . والصحيح : أنه شرط لاستدامة الشفعة ، لا لأصل ثبوت الشفعة . ولهذا قال : فإن أخبره سقطت شفعته . انتهى . 
الثاني : كلام  المصنف  وغيره : مقيد بما إذا لم يكن عذر . فإن كان عذر مثل : أن لا يعلم ، أو علم ليلا فأخره إلى الصبح ، أو أخره لشدة جوع ، أو عطش حتى أكل أو شرب . أو أخره لطهارة أو إغلاق باب ، أو ليخرج من الحمام ، أو  [ ص: 262 ] ليقضي حاجته ، أو ليؤذن ويقيم . ويأتي بالصلاة وسنتها ، أو ليشهدها في جماعة يخاف فوتها ، ونحو ذلك . وفي التلخيص : احتمال بأنه يقطع الصلاة ، إلا أن تكون فرضا . قال الحارثي    : وليس بشيء . وهو كما قال . فلا تسقط ، إلا أن يكون المشتري حاضرا عنده في هذه الأحوال . فمطالبته ممكنة ، ما عدا الصلاة . وليس عليه تخفيفها ، ولا الاقتصار على أقل ما يجزئ . ثم إن كان غائبا عن المجلس ، حاضرا في البلد . فالأولى : أن يشهد على الطلب ، ويبادر إلى المشتري بنفسه ، أو بوكيله . فإن بادر هو أو وكيله من غير إشهاد : فالصحيح من المذهب : أنه على شفعته . صححه في التلخيص ، وشرح الحارثي  ، وغيرهما . قال الحارثي    : وهو ظاهر إيراد  المصنف  في آخرين . وقيل : يشترط الإشهاد . واختاره  القاضي  في الجامع الصغير . ويأتي : هل يملك الشفيع الشقص بمجرد المطالبة أم لا  ؟ عند قوله " وإن مات الشفيع  بطلت الشفعة " . وأما إن تعذر الإشهاد : سقط ، بلا نزاع ، والحالة هذه . لانتفاء التقصير . وإن اقتصر على الطلب مجردا عن مواجهة المشتري ، قال الحارثي    : فالمذهب الإجزاء . قال : وكذلك قال أبو الحسن بن الزاغوني  في المبسوط . ونقلته من خطه . فقال : الذي نذهب إليه : أن ذلك يغني عن المطالبة بمحضر الخصم . فإن ذلك ليس بشرط في صحة المطالبة . وهو ظاهر ما نقله أبو طالب  عن  الإمام أحمد  رحمه الله . وهو قياس المذهب أيضا . وهو ظاهر كلام  أبي الخطاب  في رءوس مسائله ، والقاضي أبي الحسين  في تمامه .  [ ص: 263 ] وصرح به في المحرر ، لكن بقيد الإشهاد . وهو المنصوص من رواية أبي طالب   والأثرم    . وهذا اختيار أبي بكر    . وإيراد  المصنف  هنا : يقتضي عدم الإجزاء ، وأن الواجب المواجهة . ولهذا قال : فإن ترك الطلب والإشهاد لعجزه عنهما كالمريض ، والمحبوس  فهو على شفعته . ومعلوم أنهما لا يعجزان عن مناطقة أنفسهما بالطلب . وقد صرح به في العمدة . فقال : إن أخرها يعني : المطالبة بطلت شفعته إلا أن يكون عاجزا عنها لغيبة ، أو حبس ، أو مرض . فيكون على شفعته متى قدر عليها . انتهى كلام الحارثي    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					