الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 289 ] فوائد : منها : لو باع شقصا بعبد ، ثم وجد العبد معيبا . فقال في المغني ، والمجرد ، والفصول وغيرهم : له رد العبد واسترجاع الشقص . ولا شيء للشفيع . واختار الحارثي ثبوت الشفعة له . انتهى . قال الأصحاب : وإن أخذ الشفيع الشقص : ثم وجد البائع العيب : لم يملك استرداد الشقص . لأنه يلزم عنه بطلان عقد آخر . قلت : فيعايى بها . ولكن يرجع بقيمة الشقص . والمشتري قد أخذ من الشفيع قيمة العبد . فإن ساوت قيمة العبد فذاك . وإن زادت إحداهما على الأخرى . ففي رجوع باذل الزيادة من المشتري والشفيع على صاحبه وجهان . وأطلقهما في المغني ، والشرح .

أحدهما : يرجع بالزيادة . وهو الصحيح من المذهب . اختاره القاضي ، وابن عقيل والمجد . وجزم به في الكافي . وصححه في الفروع .

والوجه الثاني : لا يرجع . وإن عاد الشقص إلى المشتري بعد دفع قيمته ببيع أو إرث أو هبة أو غيرها . ففي المجرد ، والفصول : لا يلزمه الرد على البائع ، ولا للبائع استرداده . قال في المغني ، والشرح : ليس للشفيع أخذه بالبيع الأول . انتهيا . وإن أخذ البائع الأرش ولم يرد . فإن كان الشفيع أخذ بقيمته صحيحا ، فلا رجوع للمشتري عليه . وإن أخذ بقيمته معيبا ، فللمشتري الرجوع بما أدى من الأرش . ذكره الأصحاب . ولو عفا البائع مجانا وبالقيمة صحيحا . ففي المغني ، والشرح : لا يرجع الشفيع على المشتري بشيء . واقتصر عليه الحارثي . وقيل : يرجع على المشتري بالأرش . وأطلقهما في الفروع . [ ص: 290 ]

ومنها : لو اشترى شقصا بعبد أو بثمن معين ، وظهر مستحقا : فالبيع باطل ، ولا شفعة . وعلى الشفيع رد الشقص إن أخذه . وإن ظهر البعض مستحقا بطل البيع فيه . وفي الباقي روايتا تفريق الصفقة .

ومنها : لو كان الشراء بثمن في الذمة ونقده ، فخرج مستحقا : لم يبطل البيع ، والشفعة بحالها . ويرد الثمن إلى مالكه . وعلى المشتري ثمن صحيح . فإن تعذر لإعسار أو غيره . ففي المغني ، والشرح : للبائع فسخ البيع . وتقدم حق الشفيع .

ومنها لو كان الثمن مكيلا أو موزونا ، فتلف قبل قبضه بطل البيع ، وانتفت الشفعة . فإن كان الشفيع أخذ الشفعة لم يكن لأحد استرداده . ذكره المصنف ، والشارح .

ومنها : لو ارتد المشتري ، وقتل أو مات . فللشفيع الأخذ من بيت المال . قاله الشارح : واقتصر عليه الحارثي . قوله ( أو تحالفا ) . يعني إذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن ولا بينة وتحالفا ، وتفاسخا ، فلا يخلو : إما أن يكون قبل أخذ الشفيع أو بعده . فإن كان قبل أخذ الشفيع وهي مسألة المصنف فللشفيع الأخذ . هذا المذهب ، وعليه الأصحاب . وقطعوا به . قال الحارثي : ويتخرج انتفاء الشفعة من مثله في الإقالة والرد بالعيب ، على الرواية المحكية وأولى . فعلى المذهب : يأخذه بما حلف عليه البائع . لأنه مقر بالبيع بالثمن الذي حلف عليه ، ومقر له بالشفعة ، وإن وجد التفاسخ بعد أخذ الشفيع أقر بيد الشفيع ، وكان عليه للبائع ما حلف عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية