الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  ( وقال أبو موسى : غطى النبي صلى الله عليه وسلم ركبتيه حين دخل عثمان ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  وجه مطابقة هذا للترجمة من حيث إن الركبة إذا كانت عورة فالفخذ بالطريق الأولى لأنه أقرب إلى الفرج الذي هو عورة إجماعا ، وأبو موسى هو الأشعري ، واسمه عبد الله بن قيس ، وهذا طرف حديث ذكره البخاري في مناقب عثمان من رواية عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي عنه ، وفيه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعدا في مكان فيه ماء قد انكشف عن ركبته أو ركبتيه ، فلما دخل عثمان غطاها" ، وزعم الداودي الشارح أن هذه الرواية المعلقة عن أبي موسى وهم ، وأنها ليست من هذا الحديث ، وقد أدخل بعض الرواة حديثا في حديث "إنما أتى أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو في بيته منكشف فخذه فلما استأذن عثمان غطى فخذه فقيل له في ذلك ، فقال : إن عثمان رجل حيي ، فإن وجدني على تلك الحالة لم يبلغ حاجته" ، ( قلت ) الذي ذكرنا من رواية عاصم يرد عليه بيان ذلك أنا قد ذكرنا أن في حديث عائشة : "كاشفا عن فخذيه أو ساقيه" ، وعند أحمد بلفظ : "كاشفا عن فخذه" من غير شك ، وعنده من حديث حفصة مثله ، وقد ظهر من ذلك أن البخاري لم يدخل حديثا في حديث بل هما قضيتان متغايرتان في إحداهما كشف الركبة ، وفي الأخرى كشف الفخذ ، وفي رواية أبي موسى التي علقها البخاري "كشف الركبة" ، ورواية عائشة "في كشف الفخذ" ، ووافقها حفصة ، ولم يذكر البخاري روايتهما ، وإنما ذكر مسلم رواية عائشة كما ذكرنا ، وقال الكرماني : الركبة لا تخلو إما أن تكون عورة أو لا ، فإن كانت عورة فلم كشفها قبل دخول عثمان ؟ وإن لم تكن فلم غطاها عنه ؟ ( قلت ) الشق الثاني هو المختار ، وأما التغطية فكانت للأدب ، والاستحياء منه ، وقال ابن بطال : ، ( فإن قلت ) فلم غطى حين دخوله ؟ ( قلت ) قد بين صلى الله عليه وسلم معناه بقوله : "ألا أستحي ممن تستحي منه ملائكة السماء" ، وإنما كان يصف كل واحد من الصحابة بما هو الغالب عليه من أخلاقه ، وهو مشهور فيه ، فلما كان الحياء الغالب على عثمان استحى منه ، وذكر أن الملك يستحي منه فكانت المجازاة له من جنس فعله .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية