الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  353 26 - حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا شيبان عن يحيى بن أبي كثير ، عن عكرمة قال : سمعته أو كنت سألته قال : سمعت أبا هريرة يقول : أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من صلى في ثوب واحد فليخالف بين طرفيه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  وجه مطابقة هذا الحديث للترجمة من حيث إن المخالفة بين طرفي الثوب لا يتيسر إلا بجعل شيء من الثوب على العاتق ، وقال بعضهم في بعض طرق هذا الحديث : فليخالف بين طرفيه على عاتقيه ، وهو عند أحمد من طريق معمر عن يحيى ، وعند الإسماعيلي ، وأبي نعيم من طريق حسين عن شيبان ، ثم ادعى أن هذا أولى في مطابقة الترجمة ؛ لأن فيه التصريح بالمراد فالمصنف أشار إليه كعادته ، ( قلت ) دعوى الأولوية غير صحيحة ؛ لأن الدلالة على المراد من الطريق الذي للمصنف من نفس الكلام المسوق أولى من الكلام الأجنبي عنه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم خمسة : الأول أبو نعيم بضم النون الفضل بن دكين بضم الدال . الثاني : شيبان بن عبد الرحمن . الثالث : يحيى بن أبي كثير ضد قليل ، الرابع : عكرمة مولى ابن عباس ، الخامس : [ ص: 67 ] أبو هريرة رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه الشك من يحيى بين السماع والسؤال حيث قال أولا سمعته ؛ أي : سمعت عكرمة ، ثم قال : أو كنت سألته يعني سمعت منه إما بسؤالي أو بغير سؤالي لا أحفظ كيفية الحال ، وأخرجه الإسماعيلي عن مكي بن عبدان عن حمدان السلمي عن أبي نعيم بلفظ سمعته أو كتب به إلي ، والشك هنا بين السماع والكتابة ، وقال الإسماعيلي : لا أعلم أحدا ذكر فيه سماع يحيى عن عكرمة ، ورواه هشام ، وحسين المعلم ، ومعمر ، وزيد بن سنان ، كل قال عن عكرمة لم يذكر خبرا ولا سماعا ، وأخرجه أبو داود من حديث يحيى عن عكرمة عن أبي هريرة بالعنعنة من غير شك ، ولفظه : "إذا صلى أحدكم في ثوب فليخالف بطرفيه على عاتقيه" وفيه الشهادة والسماع من أبي هريرة حيث قال : أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك إشارة إلى حفظه وإتقانه واستحضاره . ( ذكر معناه ) قوله : "في ثوب واحد" لفظ واحد في رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره : "في ثوب" بدون ذكر لفظ واحد . قوله : "فليخالف بين طرفيه" أي : بين طرفي الثوب ، والمخالفة بطرفيه على عاتقيه هو التوشح ، وهو الاشتمال على منكبيه ، وإنما أمر بذلك لستر أعالي البدن ، وموضع الزينة ، وقال ابن بطال : وفائدة المخالفة في الثوب أن لا ينظر المصلي إلى عورة نفسه إذا ركع ، ( قلت ) فائدة أخرى ، وهي أن لا يسقط إذا ركع ، وهذا الأمر للندب عند الجمهور حتى لو صلى وليس على عاتقه شيء صحت صلاته ، ويقال إذا لم يخالف بين طرفيه ، ربما يحتاج إلى إمساكه بيده فيشتغل بذلك ، وتفوته سنة وضع اليد اليمنى على اليسرى ، واحتج أحمد بظاهر الحديث ، وشرط الوضع على عاتقه عند القدرة ، وعنه أنه تصح صلاته ، ولكنه يأثم بتركه .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية