الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  425 96 - ( حدثنا أبو اليمان قال : أخبرنا شعيب عن الزهري قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عائشة وعبد الله بن عباس قالا : لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه ، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك : لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، يحذر ما صنعوا ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته لترجمة الباب المترجم في قوله : اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ؛ لأنهم إذا اتخذوها مساجد يصلون فيها ، ويسمون المساجد : البيع والكنائس ، والباب في الصلاة في البيع .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم ستة : الأول : أبو اليمان الحكم بن نافع ؛ الثاني : شعيب بن أبي حمزة ؛ الثالث : محمد بن مسلم الزهري ؛ الرابع : عبيد الله بن عبد الله بتصغير الابن وتكبير الأب ؛ الخامس : عائشة أم المؤمنين ؛ السادس : عبد الله بن عباس .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد والإخبار كذلك في موضع واحد ، وبصيغة الإفراد في موضع آخر ، وفيه العنعنة في موضع واحد ، وفيه أن رواته ما بين حمصي ومدني ، وفيه رواية صحابي عن صحابي وصحابية كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) : أخرجه البخاري أيضا في اللباس عن يحيى بن بكير ، وفي المغازي عن سعد بن عفير ، كلاهما عن الليث عن عقيل ، وفي ذكر بني إسرائيل عن بشر بن محمد عن ابن المبارك عن معمر ويونس أربعتهم عن الزهري ، وأخرجه مسلم في الصلاة عن هارون بن سعيد الأيلي وحرملة بن يحيى كلاهما عن ابن وهب عن يونس به ، وأخرجه النسائي فيه وفي الوفاة عن سويد بن نصر عن ابن المبارك به ، وفي الوفاة أيضا عن عبد الله بن سعد بن إبراهيم عن عمه يعقوب .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه وإعرابه ) : قوله ( لما نزل ) على صيغة المعلوم في رواية أبي ذر وفاعله محذوف ، أي : لما نزل الموت ، وفي رواية غيره بضم النون وكسر الزاي على صيغة المجهول ؛ قوله ( طفق ) جواب لما وهو من أفعال المقاربة ، وهي ثلاثة أنواع منها ما وضع للدلالة على الشروع في الخبر ، وأفعاله : أنشأ وطفق وجعل وعلق وأخذ ، وتعمل هذه الأفعال عمل كان إلا أن خبرهن يجب كونه جملة ؛ حكى الأخفش : طفق يطفق مثل ضرب يضرب ، وطفق يطفق مثل علم يعلم ، ولم يستعمل له اسم فاعل واستعمل له مصدر ؛ حكى الأخفش : طفوقا عمن قال : طفق بالفتح ، وطفقا عمن قال طفق بالكسر ، ومعناه ههنا جعل ، وقوله يطرح جملة خبره ، وخميصة بالنصب مفعول يطرح ، وهي كساء له أعلام أو علمان ، أسود مربع ، وقد مر تفسيرها مستقصى ، قوله (له ) في محل النصب لأنها صفة لخميصة ؛ قوله ( على وجهه ) يتعلق بقوله ( يطرح ) ؛ قوله ( فإذا اغتم ) بالغين المعجمة أي : إذا تسخن وحمي ؛ قوله ( بها ) أي : بالخميصة ؛ قوله ( فقال وهو كذلك ) أي : في تلك الحال ، وقال بعضهم : ويحتمل أن يكون ذلك في الوقت الذي ذكرت فيه أم سلمة وأم حبيبة أمر الكنيسة التي رأتاها بأرض الحبشة ؛ ( قلت ) هذا بعيد جدا لا يخفى على الفطن ، وقال الكرماني قوله ( وهو كذلك ) مقول الراوي ، أي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حال الطرح والكشف ؛ قوله ( لعنة الله ) اللعنة الطرد والإبعاد عن الرحمة ؛ قوله ( اتخذوا ) جملة استئنافية كأنها جواب عن سؤال سائل .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 194 ] ما سبب لعنهم فأجيب بقوله ( اتخذوا ) ؛ قوله ( يحذر ما صنعوا ) مقول الراوي لا مقول الرسول وهي أيضا جملة مستأنفة ، وإنما كان يحذرهم من ذلك الصنيع لئلا يفعل بقبره مثله ، ولعل الحكمة فيه أنه يصير بالتدريج شبيها بعبادة الأصنام . .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية