الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  378 ( وقال الحسن : كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمه )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقة هذا الأثر للترجمة غير ظاهرة إلا بالتعسف ؛ لأن الترجمة في السجود على الثوب ، وهذا لا يطلق على العمامة ولا على القلنسوة ، ولكن كان هذا الباب ، والأبواب الثلاثة التي قبله في السجود على غير وجه الأرض ، بل كان على شيء هو على الأرض ، وهو أعم من أن يكون حصيرا أو خمرة أو فراشا أو عمامة أو قلنسوة أو نحو ذلك ، فبهذه الحيثية تدخل العمامة والقلنسوة في الباب ، والحسن هو البصري ، وأراد بالقوم الصحابة ، والقلسنوة غشاء مبطن تلبس على الرأس قاله القزاز في شرح الفصيح ، وعن ابن خالويه : العرب تسمي القلنسوة برنسا ، وفي التلخيص لأبي هلال العسكري : البرنس القلنسوة الواسعة التي تغطى بها العمائم تستر من الشمس والمطر ، وفي المحكم هي من ملابس الرؤوس معروف ، وقال ابن هشام في شرحه : هي التي تقول لها العامة : الشاشية ، وذكر ثعلب في فصيحه لغة أخرى ، وهي القليسية بضم القاف وفتح اللام وسكون الياء ، وكسر [ ص: 117 ] السين وفتح الياء ، وفي آخره هاء ، وفي المحكم : وعندي أن قليسية ليست بلغة ، وإنما هي مصغرة ، وفي شرح الغريب لابن سيده : وهي قلنساة وقلساة ، وجمعها قلانس ، وقلاسي ، وقلنسي ، وقلونس ، ثم يجمع على قلنس ، وفيه قلب حيث جعل الواو قبل النون ، وعن يونس : أهل الحجاز يقولون : قلنسية ، وتميم يقولون قلنسوة ، وفي شرح المرزوقي : قلنست الشيء إذا غطيته .

                                                                                                                                                                                  قوله : "ويداه في كمه" هكذا في رواية الأكثرين ، وفي رواية الكشميهني "ويديه في كمه" ، وجه الأول أن يداه كلام إضافي مبتدأ ، وقوله : "في كمه" خبره ، والجملة حال ، والتقدير : ويدا كل واحد في كمه فلأجل ذلك قال : ويداه في كمه ، وذلك لأن المقام يقتضي أن يقال : وأيديهم في أكمامهم ، ووجه الثاني أن يديه منصوب بفعل مقدر تقديره : ويجعل كل واحد يديه في كمه ، وهذا التعليق وصله ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي أسامة عن هشام عن الحسن قال : إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسجدون وأيديهم في ثيابهم ، ويسجد الرجل منهم على قلنسوته وعمامته ، وأخرجه أيضا عبد الرزاق في مصنفه عن هشام بن حسان عن الحسن نحوه ، وأخرج ابن أبي شيبة عن هشيم عن يونس عن الحسن أنه كان يسجد في طيلسانه ، وأخرج عن محمد بن عدي عن حميد : رأيت الحسن يلبس أنبجانيا في الشتاء ويصلي فيه ولا يخرج يديه ، وكان عبد الرحمن بن زيد يسجد على كور عمامته ، وكذلك الحسن ، وسعيد بن المسيب ، وبكر بن عبد الله ، ومكحول ، والزهري ، وعبد الله بن أبي أوفى ، وعبد الرحمن بن يزيد ، وكان عبادة بن الصامت ، وعلي بن أبي طالب ، وابن عمر ، وأبو عبيدة ، وإبراهيم النخعي ، وابن سيرين ، وميمون بن مهران ، وعروة بن الزبير ، وعمر بن عبد العزيز ، وجعدة بن هبيرة يكرهون السجود على العمامة ، وذكر محمد بن أسلم الطوسي في كتابه : تعظيم قدر الصلاة عن خلاد بن يحيى ، عن عبد الله بن المحرز ، عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد على كور عمامته " قال ابن أسلم : هذا سند ضعيف .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية