الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  442 [ ص: 217 ] 113 - ( حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال : أخبرنا شعيب عن الزهري قال : أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة : أنشدك الله : هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يا حسان أجب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اللهم أيده بروح القدس ، قال أبو هريرة : نعم ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة غير ظاهرة ههنا لأنه ليس فيه صريحا أنه كان في المسجد ، والترجمة : هو الشعر في المسجد ، ولكن البخاري روى هذا الحديث في كتاب بدء الخلق ، وفيه التصريح أنه كان في المسجد فقال : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال : " مر عمر رضي الله تعالى عنه في المسجد ، وحسان ينشد فلحظ إليه قال : كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك ، ثم التفت إلى أبي هريرة فقال : أنشدك بالله أسمعته صلى الله تعالى عليه وسلم يقول : أجب عني ، اللهم أيده بروح القدس ؟ قال : نعم " ، وهما حديث واحد ، ويقال : إن الشعر المشتمل على الحق مقبول بدليل دعاء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لحسان على شعره ، فإذا كان كذلك لا يمنع في المسجد كسائر الكلام المقبول ، ومراد البخاري من وضع هذه الترجمة هو الإشارة إلى جواز الشعر المقبول في المسجد ، والحديث يدل على هذا بهذا الوجه فيقع التطابق بين الحديث والترجمة لا محالة .

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ) : لم يصح سماع أبي سلمة ، ولا سماع سعيد من عمر ، وهذا إنما كان لما أنكره عمر على حسان . قلت : الأمر كذلك لكن يحمل ذلك على أن سعيدا سمع ذلك من أبي هريرة بعد أو سمع ذلك من حسان أو وقع لحسان استشهاد أبي هريرة مرة أخرى فحضر ذلك سعيد ، ويؤيد هذا سياق حديث الباب ، فإن فيه أن أبا سلمة سمع حسانا يستشهد أبا هريرة ، وأبو سلمة لم يدرك زمن مرور عمر أيضا فإنه أصغر من سعيد فدل على تعدد الاستشهاد ؛ غاية ما في الباب هنا أن يكون سعيد أرسل قصة المرور ثم سمع بعد ذلك استشهاد حسان لأبي هريرة ، وهو مرفوع موصول بلا تردد .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم ستة : الأول : أبو اليمان بفتح الياء آخر الحروف ، وقد تكرر ذكره ؛ الثاني : شعيب بن أبي حمزة ، واسم أبي حمزة دينار الحمصي . الثالث : محمد بن مسلم الزهري . الرابع : أبو سلمة ، وهؤلاء تقدموا في باب كتاب الوحي . الخامس : حسان بن ثابت بن المنذر بن الحرام - ضد الحلال - الأنصاري المدني شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم من فحول شعراء الإسلام والجاهلية ، وعاش كل واحد منهم مائة وعشرين سنة ، وقال أبو نعيم : لا يعرف في العرب أربعة تناسلوا من صلب واحد ، واتفقت مدد أعمارهم هذا القدر غيرهم ، وعاش حسان في الجاهلية ستين سنة ، وفي الإسلام كذلك ، مات سنة خمسين بالمدينة . ( فإن قلت ) : هو منصرف أو غير منصرف . قلت : إن كان مشتقا من الحسن فهو منصرف ، وإن كان من الحس فغير منصرف ، فافهم . السادس : أبو هريرة ، وقد تكرر ذكره .

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ) : هذا الحديث يعد من مسند حسان أو من مسند أبي هريرة . قلت : لم يذكر أبو مسعود ، والحميدي وغيرهما أن لحسان بن ثابت رواية في هذا الحديث ، ولا ذكروا له حديثا مسندا ، وإنما أوردوا هذا الحديث في مسند أبي هريرة ، وخالف خلف فذكره في مسند حسان ، وأنه روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم هذا الحديث ، وذكر في مسند أبي هريرة أن البخاري أخرجه في الصلاة عن أبي اليمان ، وذكر ابن عساكر لحسان حديثين مسندين أحدهما هذا ، وذكر أنه في سنن أبي داود من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : وليس في حديثه استشهاد حسان به ، وأنه في النسائي مرة بالاستشهاد ، ومرة من حديث سعيد عن عمر بعدمه ثم أورده في مسند أبي هريرة رضي الله تعالى عنه من طريق أبي سلمة عنه ، وفي كتاب ( من عاش مائة وعشرين ) لابن منده من حديث عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة قال : مر عمر رضي الله تعالى عنه بحسان . . . الحديث ، وقال المنذري وسعيد : لم يصح سماعه من عمر ، وإن كان سمع ذلك من حسان فمتصل .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد ، وكذلك الإخبار بصيغة الجمع في موضع واحد ، وبصيغة الإفراد في موضع واحد ، وفيه العنعنة في موضع واحد ، وفيه السماع في موضعين ، وفيه أن رواته ما بين حمصي ومدني .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) أخرجه [ ص: 218 ] البخاري أيضا في بدء الخلق عن علي بن المديني كما ذكرناه ، وفي الأدب أيضا عن إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه أبي بكر ، وفيه أيضا عن أبي اليمان كما أخرجه ههنا ، وأخرجه مسلم في الفضائل عن إسحاق بن إبراهيم ، ومحمد بن يحيى ، وعمر بن محمد الناقد ثلاثتهم عن سفيان به ، وعن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي عن أبي اليمان به ، وعن إسحاق بن إبراهيم ، ومحمد بن رافع ، وعبد بن حميد ثلاثتهم عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد به ، وأخرجه أبو داود في الأدب عن محمد بن أحمد بن أبي خلف ، وأحمد بن عبدة كلاهما عن سفيان به ، وعن أحمد بن صالح عن عبد الرزاق به ، وأخرجه النسائي في الصلاة ، وفي اليوم والليلة عن قتيبة ، ومحمد بن منصور فرقهما ، كلاهما عن منصور عن سفيان به ، وأخرجه أيضا عن خمسة أنفس ، وأخرجه أيضا في القضاء عن محمد بن عبد الله بن بزيغ عن يزيد بن زريع عن شعبة عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب عن حسان بن ثابت قال : قال لي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : " اهجهم أو هاجهم " يعني المشركين ، "وجبرائيل معك " رواه سفيان بن حبيب عن شعبة فجعله من مسند البراء رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه وإعرابه ) ؛ قوله ( يستشهد أبا هريرة ) أي : يطلب منه الشهادة ، ومحلها النصب على الحال من حسان ، فإن قيل : لا بد في الشهادة من نصاب فكيف ثبت غرض حسان بشهادة أبي هريرة فقط ، أجيب بأن هذه رواية حكم شرعي ، ويكفي فيها عدل واحد ، وأطلق الشهادة على سبيل التجوز لأنه في الحقيقة إخبار فيكفي فيه عدل واحد كما بين ذلك في موضعه .

                                                                                                                                                                                  قوله ( أنشدك الله ) بفتح الهمزة وضم الشين ، معناه : سألتك بالله ؛ قال الجوهري : نشدت فلانا أنشده نشدا ، إذا قلت له : نشدتك الله ، أي : سألتك بالله كأنك ذكرته إياه فنشد أي : تذكر ، وقال ابن الأثير : يقال : نشدتك الله ، وأنشدك الله ، وبالله ، وناشدتك الله أي : سألتك ، وأقسمت عليك ، ونشدته نشدة ونشدانا ، ومناشدة ، وتعديته إلى مفعولين إما لأنه بمنزلة دعوت حيث قالوا : نشدتك الله ، وبالله كما قالوا : دعوت زيدا وبزيد ، أو لأنهم ضمنوه معنى ذكرت ، وأما أنشدتك بالله فخطأ .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( أجب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، وفي رواية سعيد "أجب عني" ، ومعنى الأول أجب الكفار عن جهة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، ولفظ جهة مقدر ، ويجوز أن يضمن أجب معنى ادفع ، والمعنى : ادفع عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، ويحتمل أن يكون الأصل رواية سعيد ، وهي : أجب عني ثم نقل حسان ذلك بالمعنى ، وزاد فيه لفظة : رسول الله صلى الله عليه وسلم تعظيما له ، ويحتمل أن تكون تلك لفظة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بعينه لأجل المهابة ، وتقوية لداعي المأمور كما قال تعالى : فإذا عزمت فتوكل على الله وكما يقول الخليفة أمير المؤمنين يرسم لك لأن فيه تعظيما له ، وتقوية للمأمور ومهابة بخلاف قوله ( أنا أرسم ) ، والمراد بالإجابة الرد على الكفار الذين هجوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ؛ قوله ( اللهم أيده ) هذا دعاء من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لحسان دعا له بالتأييد ، وهو القوة على الكفار .

                                                                                                                                                                                  قوله ( بروح القدس ) الباء فيه تتعلق بقوله ( أيده ) ، والمراد بروح القدس هنا جبريل عليه السلام يدل عليه ما رواه البخاري أيضا من حديث البراء بلفظ : وجبريل معك ، والقدس بضم القاف والدال بمعنى الطهر ، وسمي جبريل بذلك لأنه خلق من الطهر ، وقال كعب : القدس الرب عز وجل ، ومعنى روح القدس روح الله ، وإنما سمي بالروح لأنه يأتي بالبيان عن الله تعالى فتحيا به الأرواح ، وقيل : معنى القدس البركة ، ومن أسماء الله تعالى القدوس ؛ أي : الطاهر المنزه عن العيوب والنقائص ، ومنه الأرض المقدسة ، وبيت المقدس لأنه الموضع الذي يتقدس فيه أي : يتطهر فيه من الذنوب .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر ما يستنبط منه من الأحكام ) الأول : فيه الدلالة على أن الشعر الحق لا يحرم في المسجد ، والذي يحرم فيه ما فيه الخناء ، والزور ، والكلام الساقط ، يدل عليه ما رواه الترمذي مصححا من حديث عائشة : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب لحسان منبرا في المسجد فيقوم عليه ، ويهجو الكفار " ، ( فإن قلت ) : روى ابن خزيمة في صحيحه عن عبد الله بن سعيد ، حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تناشد الأشعار في المساجد " ، وحسنه الحافظان الطوسي ، والترمذي .

                                                                                                                                                                                  وروى أبو داود من حديث صدقة بن خالد عن محمد بن عبد الله الشعبي عن زفر بن وثيمة عن حكيم بن حزام مرفوعا : " نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستقاد في المسجد ، وأن تنشد فيه الأشعار ، وأن تقام فيه الحدود " ، وروى عبد الرزاق في ( مصنفه ) من حديث ابن المنكدر عن أسيد بن عبد الرحمن : " أن شاعرا جاء [ ص: 219 ] النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في المسجد ، قال : أنشدك يا رسول الله قال : لا ، قال : بلى ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : فاخرج من المسجد ، فخرج فأنشده فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبا " ، وقال : هذا بدل ما مدحت به ربك . قلت : أما حديث عمرو فمنهم من يقول : إنه صحيفة حتى قال ابن حزم : لا يصح هذا ، لكن يقول من يصحح نسخته يصحح حديثه ، وأما حديث حكيم بن حزام ، فقال أبو محمد الإشبيلي : إنه حديث ضعيف ، وقال ابن القطان : لم يبين أبو محمد من أمره شيئا ، وعلته الجهل بحال زفر فلا يعرف . قلت : أما زفر فإنه ليس كما قال ، بل حاله معروفة ، قال عثمان بن سعيد الدارمي : سألت يحيى عنه فقال : ثقة ، وذكره ابن حبان في ( كتاب الثقات ) ، وصحح له الحاكم حديثا عن المغيرة بن شعبة .

                                                                                                                                                                                  وأما حديث أسيد ففي سنده ابن أبي يحيى شيخ الشافعي ، وفيه كلام شديد ، وقد جمع ابن خزيمة في صحيحه بين الشعر الجائز إنشاده في المسجد ، وبين الممنوع من إنشاده فيه ، وقال أبو نعيم الأصبهاني في كتاب المساجد نهى عن تناشد أشعار الجاهلية ، والمبطلين فيه فأما أشعار الإسلام والمحقين فواسع غير محظور .

                                                                                                                                                                                  وقد اختلف العلماء أيضا في جواز إنشاد الشعر مطلقا ، فقال الشعبي ، وعامر بن سعد البجلي ، ومحمد بن سيرين ، وسعيد بن المسيب ، والقاسم ، والثوري ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو عبيد : لا بأس بإنشاد الشعر الذي ليس فيه هجاء ، ولا نكب عرض أحد من المسلمين ، ولا فحش ، وقال مسروق بن الأجدع ، وإبراهيم النخعي ، وسالم بن عبد الله ، والحسن البصري ، وعمرو بن شعيب : تكره رواية الشعر ، وإنشاده ، واحتجوا في ذلك بحديث عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا ، رواه ابن أبي شيبة ، والبزار ، والطحاوي ، وروى مسلم عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا يريه خير من أن يمتلئ شعرا " ، وأخرجه ابن ماجه أيضا ، وأخرجه البخاري عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو رواية ابن أبي شيبة ، وأخرجه مسلم أيضا عن أبي هريرة نحو روايته عن سعد ، وأخرجه أيضا عن أبي سعيد الخدري ، وأخرجه الطحاوي أيضا عن عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخرجه الطبراني أيضا عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                  وأجاب الأولون عن هذا وقالوا : إنما هذه الأحاديث وردت على خاص من الشعر ؛ وهو أن يكون فيه فحش وخناء ، وقال البيهقي عن الشعبي : المراد به الشعر الذي هجي به النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال أبو عبيدة : الذي فيه عندي غير ذلك ؛ لأن ما هجي به رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان شطر بيت لكان كفرا ، ولكن وجهه عندي أن يمتلئ قلبه حتى يغلب عليه فيشغله عن القرآن والذكر ؛ قيل : فيما قاله أبو عبيدة نظر ؛ لأن الذين هجوا النبي صلى الله عليه وسلم كانوا كفارا ، وهم في حال هجوهم موصوفون بالكفر من غير هجو ، غاية ما في الباب قد زاد كفرهم وطغيانهم بهجوهم ، والذي قاله الشعبي أوجه . قلت : قال الطحاوي : قال قوم : لو كان أريد بذلك ما هجي به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشعر لم يكن لذكر الامتلاء معنى ؛ لأن قليل ذلك وكثيره كفر ، ولكن ذكر الامتلاء يدل على معنى في الامتلاء ليس فيما دونه ؛ قالوا : فهو عندنا على الشعر الذي يملأ الجوف فلا يكون فيه قرآن ، ولا تسبيح ، ولا غيره ، فأما من كان في جوفه القرآن والشعر مع ذلك فليس ممن امتلأ جوفه شعرا فهو خارج من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا يريه خير له من أن يمتلئ شعرا " ، وقال أبو عبد الملك : كان حسان ينشد الشعر في المسجد في أول الإسلام ، وكذا لعب الحبش فيه ، وكان المشركون إذ ذاك يدخلونه ، فلما كمل الإسلام زال ذلك كله . قلت : أشار بذلك إلى النسخ ، ولم يوافقه أحد على ذلك ؛ قوله ( قيحا ) نصب على التمييز ، وهو الصديد الذي يسيل من الدمل ، والجرح ؛ قوله : ( يريه من الورى وهو الداء ، يقال : ورى يوري فهو موري إذا أصاب جوفه الداء ، وقال الجوهري : وروى القيح جوفه يريه وريا أكله ، وقال قوم : معناه حتى يصيب ريته . قلت : فيه نظر .

                                                                                                                                                                                  الثاني من الأحكام : جواز الاستنصار من الكفار ، قال العلماء : ينبغي أن لا يبدأ المشركون بالسب والهجاء مخافة من سبهم الإسلام وأهله ، قال تعالى : ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا ولتنزيه ألسنة المسلمين عن الفحش إلا أن تدعو إلى ذلك ضرورة كابتدائهم به ، فكيف إذا هم أو نحوه كما فعله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                  الثالث : فيه استحباب الدعاء لمن قال شعرا مثل قصة حسان .

                                                                                                                                                                                  الرابع : فيه الدلالة على فضيلة حسان رضي الله تعالى عنه .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية