الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
166 - " اثنان يكرههما ابن آدم: يكره الموت؛ والموت خير له من الفتنة؛ ويكره قلة المال؛ وقلة المال أقل للحساب " ؛ (ص حم) ؛ عن محمود بن لبيد ؛ (صح).

التالي السابق


(اثنان يكرههما ابن آدم) ؛ غالبا؛ قيل: وما هما؟ قال: (يكره الموت) ؛ أي: نزوله به؛ (والموت) ؛ أي: موته؛ (خير له من الفتنة) ؛ أي: الكفر؛ والضلال؛ أو الإثم؛ أو الاختبار والامتحان؛ ونحوها؛ وذلك لأنه ما دام حيا لا يأمن الوقوع في ذلك؛ ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون؛ ومن غير الغالب من أتحفه الله بلطف من عنده؛ فحبب إليه الموت؛ كما حببه لسحرة فرعون؛ حين قال: لأقطعن أيديكم؛ فكشف لهم عما أعد لهم؛ فقالوا: لا ضير؛ وكما لوى على علي - كرم الله وجهه - رعيته حتى شاقوه؛ وقاتلوه؛ مع كونه الإمام الحق؛ حتى أخذ بلحيته قائلا: " ما يحبس أشقاها أن يخضب هذه من هذه" ؛ وأشار بيده إلى رأسه؛ قال الراغب : و" الفتنة" ؛ من الأفعال التي تكون من الله (تعالى) كالبلية؛ والمصيبة؛ والقتل؛ والعذاب؛ وغير ذلك من الأفعال الكريهة؛ انتهى؛ وقد تكون الفتنة في الدين كالارتداد؛ والمعاصي؛ وإكراه الغير على المعاصي؛ وإليه أشار المصطفى بقوله: " إذا أردت بقوم فتنة فتوفني غير مفتون" ؛ (ويكره قلة المال؛ وقلة المال أقل للحساب) ؛ يعني: السؤال عنه؛ كما في خبر: " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع..." ؛ وفيه: " عن ماله؛ من أين اكتسبه؛ وفيم أنفقه" ؛ أي: ولو حلالا؛ وسمي المال " مالا" ؛ لأنه يميل القلوب عن الله (تعالى)؛ قال الراغب : و" الحساب" : استعمال العدد.

(ص حم) ؛ وكذا أبو نعيم ؛ والديلمي ؛ (عن محمود بن لبيد ) ؛ الأنصاري؛ قال في الكشاف: ولد في حياة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ورواياته مرسلة؛ وفي " أسد الغابة" ؛ نحوه؛ قال المنذري: رواه أحمد بإسنادين؛ رواة أحدهما محتج بهم في الصحيح؛ قال: ومحمود له رواية؛ ولم يصح له سماع؛ وقال الهيتمي: خرجه أحمد بإسنادين؛ أحدهما رجاله رجال الصحيح؛ انتهى؛ ومن ثم رمز المصنف لصحته هنا؛ وقال في الكبير: صحيح؛ انتهى؛ لكن عرفت أنه مرسل.



الخدمات العلمية