الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
476 - " إذا أكل أحدكم طعاما؛ فليذكر اسم الله؛ فإن نسي أن يذكر الله في أوله؛ فليقل: بسم الله على أوله؛ وآخره " ؛ (د ت ك) ؛ عن عائشة ؛ (صح).

[ ص: 296 ]

التالي السابق


[ ص: 296 ] (إذا أكل أحدكم طعاما) ؛ أي: تناول شيئا لشبعه؛ ومثل الأكل الشرب؛ بدليل خبر الديلمي : " إذا أكلت طعاما؛ أو شربت؛ فقل: بسم الله؛ وبالله؛ الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء؛ يا حي يا قيوم؛ لم يصبك منه داء؛ ولو كان فيه سم" ؛ (فليذكر) ؛ ندبا؛ عند الشافعية؛ ولو حائضا؛ أو جنبا؛ (اسم الله) ؛ عليه؛ بأن يقول: " بسم الله" ؛ في ابتداء الأكل؛ والأفضل البسملة بكمالها؛ فإن اقتصر على " بسم الله" ؛ حصلت السنة؛ ذكره في الأذكار؛ قال ابن حجر: ولم أقف لما ادعاه من الأفضلية على دليل؛ انتهى؛ لكن يدل له خبر: " كل أمر ذي بال؛ لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم..." ؛ وقول الغزالي: يقول مع اللقمة الأولى: " بسم الله" ؛ ويزيد في الثانية: " الرحمن" ؛ والثالثة: " الرحيم" ؛ لم أر ما يدل له؛ (فإن نسي) ؛ أو تعمد بالأولى؛ (أن يذكر اسم الله في أوله؛ فليقل) ؛ ولو بعد الفراغ من الأكل؛ ليقيء الشيطان ما أكله؛ على ما بحثه بعض مشايخنا؛ لكنه مضعف؛ وأخذ بظاهره جمع حنابلة؛ فأوجبوه قالوا: لصحة الخبر بلا معارض؛ (بسم الله على) ؛ وفي رواية: " في" ؛ (أوله؛ وآخره) ؛ أي: آكل أوله؛ وآخره بسم الله" ؛ فالجار والمجرور حال من فاعل الفعل المقدر؛ ذكره الطيبي؛ وفي رواية: " أوله وآخره" ؛ بدون " على" ؛ وعليه قال أبو البقاء : الجيد النصب فيها؛ والتقدير: " عند أوله؛ وعند آخره" ؛ ويجوز جره بتقدير: " في أوله؛ وآخره" ؛ أي: جميع أجزائه؛ كما يشهد له المعنى الذي شرعت التسمية له؛ وبه سقط زعم أن ذكرهما يخرج الوسط؛ لا يقال: كيف تصدق الاستعانة ببسم الله في الأول؛ وقد خلا الأول عنها؟ لأنا نقول: الشرع جعله إنشاء استعانة في أوله؛ وليس هذا إخبارا حتى يكذب؛ وبه يصير المتكلم مستعينا في أوله؛ ويترتب عليه ما يترتب على الاستعانة في أوله؛ وألحق الشافعي بالناسي ما لو تعمد؛ أو جهل؛ أو أكره؛ وليس لقائل أن يقول: الناسي معذور؛ فمكن من تدارك ما فاته؛ بخلاف المتعمد؛ لأن القصد إضرار الشيطان بمنعه من طعامنا؛ ولو نظر للعذر؛ لمنع الشيطان من مؤاكلة الناسي؛ ولم يحتج إلى أن يجعل له طريقا؛ فالملحظ ليس العذر فقط.

(د ت ك؛ عن عائشة ) - رضي الله عنها - قال الترمذي : حسن صحيح؛ وقال الحاكم : صحيح؛ وأقره الذهبي .



الخدمات العلمية