الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
450 - " إذا أصاب أحدكم مصيبة؛ فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ اللهم عندك أحتسب مصيبتي؛ فآجرني فيها؛ وأبدلني بها خيرا منها " ؛ (د ك) عن أم سلمة ؛ (ت هـ) عن أبي سلمة ؛ (صح).

[ ص: 285 ]

التالي السابق


[ ص: 285 ] (إذا أصاب أحدكم مصيبة) ؛ شدة ونازلة؛ وهي وقوع ما لا يوافق غرض النفس من المكروه؛ قال أبو البقاء : وياؤه منقلبة عن واو؛ لأنها من " صاب؛ يصوب" ؛ إذا نزل؛ وجمعها " مصائب" ؛ على غير قياس؛ وقياسه " مصاوب" ؛ (فليقل) ؛ ندبا؛ وعند الصدمة الأولى آكد؛ (إنا) ؛ معشر الخلائق؛ (لله) ؛ الملك المحيط الذي نحن وأهلونا وأموالنا عبيد له؛ (وإنا إليه) ؛ يوم انفراده بالحكم؛ لا إلى غيره؛ (راجعون) ؛ بالبعث؛ والنشر؛ والمراد أن جميع أمورنا لا يكون شيء منها إلا به؛ (اللهم عندك) ؛ قدم للاختصاص؛ أي: لا عند غيرك؛ فإنه لا يملك الضر؛ والنفع إلا أنت؛ (أحتسب) ؛ أدخر ثواب؛ (مصيبتي) ؛ في صحائف حسناتي؛ (فآجرني) ؛ بالمد؛ والقصر؛ يقال: " آجره؛ يؤجره" ؛ أثابه؛ وكذا " أجره؛ يأجره" ؛ والأمر منهما: " آجرني" ؛ بهمزة قطع ممدودة؛ وكسر الجيم؛ كـ " أكرمني" ؛ و" اؤجرني" ؛ كـ " انصرني" ؛ (فيها؛ وأبدلني بها خيرا منها) ؛ والباء داخلة على المتروك؛ تشبيها للإبدال بالتبدل؛ يعني: أثبني بهذه المصيبة؛ أي: " اجعل لي بدل ما فاتني شيئا آخر أنفع منه" ؛ وقال ابن القيم: وذا من أبلغ علاج المصاب؛ وأنفعه في عاجلته؛ وآجلته؛ لتضمن ذلك لأصلين عظيمين؛ إذا استحضرهما المصاب سهلاها؛ هما: أن العبد وملكه ملك الله حقيقة؛ وهو عند العبد عارية؛ وأن مرجع العبد إلى مولاه الحق؛ ولا بد أن يخلف الدنيا وراءه؛ ويأتيه فردا؛ ومن هذا غايته كيف يفرح بموجود؛ أو يأسف على مفقود؟! وقد عد بعضهم الاسترجاع من خصائص هذه الأمة؛ لأن يعقوب - عليه الصلاة والسلام - لما أصابه ما أصابه لم يسترجع؛ بل قال: يا أسفى على يوسف ؛ وأنت خبير بأنه لا شاهد فيه؛ لأنه بعد إرخاء العنان؛ وفرض تسليم؛ أنه لم يقله؛ لا يلزم أن غيره من الأنبياء وأممهم لم يشرع لهم؛ فظاهر قوله: " فليقل" ؛ أن المراد به مرة واحدة؛ فورا؛ وذلك في الموت عند الصدمة الأولى؛ لكن يأتي في خبر أنه إذا تذكر المصيبة بعد زمن طويل؛ فاسترجع؛ أجري له أجرها؛ فيحمل ما هنا على الآكد.

(د)؛ في الجنائز؛ (ك؛ عن أم سلمة ) - رضي الله (تعالى) عنها - هي بفتح المهملة؛ واللام؛ بنت أمية؛ أم المؤمنين؛ واسمها هند المخزومية؛ وكانت ذات جمال بارع؛ قالت: لما احتضر أبو سلمة قال: " اللهم اخلفني في أهلي خيرا مني" ؛ فلما قبض قلت: " إنا لله..." ؛ إلى آخره؛ قال الترمذي : حسن غريب.



الخدمات العلمية