الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
66 - " ابن أخت القوم منهم " ؛ (حم ق ت ن) ؛ عن أنس ؛ (د)؛ عن أبي موسى ؛ (طب)؛ عن جبير بن مطعم ؛ وعن ابن عباس ؛ وعن أبي مالك الأشعري؛ (صح).

التالي السابق


(ابن أخت القوم منهم) ؛ لأنه ينسب إلى بعضهم؛ وهي أمه؛ فهو متصل بأقربائه في كل ما يجب أن يتصل به؛ [ ص: 88 ] كنصرة ومشورة ومودة وإفشاء سر ومعونة وبر وشفقة وإكرام؛ ونحو ذلك؛ قال الطيبي: فـ " من" ؛ اتصالية؛ ومن هذا التقرير تبين أنه لا حجة فيه لمن قال بتوريث ذوي الأرحام؛ قال ابن أبي جمرة : وحكمة ذكر ذلك إبطال ما كان عليه أهل الجاهلية من عدم الالتفات إلى أولاد البنات؛ فضلا عن أولاد الأخوات؛ حتى قال قائلهم:


بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد



فقصد بالحديث التحريض على الألفة بين الأقارب؛ قال بعض الأعاظم: ومما يدل على أن الحديث ليس على عمومه أنه لو كان عاما جاز أن ينسب إلى خاله مثلا؛ وكان معارضا للحديث الصحيح: " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام" ؛ إلى غير ذلك من الأحاديث المصححة المصرحة بالوعيد الشديد على ذلك؛ فعلم أنه خاص؛ وأن المراد به أنه منهم في الصلة والمعونة والمدافعة عنه؛ و" الابن" : من " البناء" ؛ لأنه مبنى أبيه؛ كما مر؛ و" الأخت" ؛ تأنيث " الأخ" ؛ وجعل التاء فيها كالعوض من المحذوف منه؛ وهو الواو؛ إذ أصله " أخو" .

(حم ق ت ن؛ عن أنس ) ؛ ابن مالك ؛ (د)؛ وكذا أحمد والطبراني ؛ (عن أبي موسى) ؛ الأشعري ؛ (طب)؛ وكذا الضياء؛ في المختارة؛ (عن جبير ) ؛ بضم الجيم؛ مصغرا؛ (ابن مطعم) ؛ بضم الميم؛ وسكون الطاء؛ وكسر العين؛ وبكسر الميم؛ وكسر المهملة الثانية؛ حكاه الكرماني؛ وهو ابن عدي بن نوفل القرشي؛ من سادات قريش وأعاظمها؛ أسلم يوم " حنين" ؛ أو يوم الفتح؛ وحسن إسلامه؛ وكان حليما وقورا سيدا سندا؛ (وعن ابن عباس ) ؛ ترجمان القرآن؛ (وعن أبي مالك ) ؛ كعب بن عاصم ؛ أو عبيد؛ أو عمرو ؛ أو الحارث ؛ (الأشعري) ؛ صحابي مشهور؛ يعد في الشاميين؛ ورواه أيضا أبو يعلى ؛ والحاكم ؛ وزاد بيان السبب؛ وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر : " اجمع لي من هنا؛ من قريش" ؛ فجمعهم؛ ثم قال: أتخرج إليهم؛ أم يدخلون؟ قال: " أخرج" ؛ فخرج؛ فقال: " يا معشر قريش؛ هل فيكم من غيركم؟" ؛ قالوا: لا؛ إلا ابن أختنا؛ فذكره؛ ثم قال: " يا معشر قريش؛ إن أولى الناس بي المتقون؛ فانظروا؛ لا يأتي الناس بالأعمال يوم القيامة وتأتون بالدنيا تحملونها؛ فأصد عنكم بوجهي" ؛ قال أبو البقاء : في " من" ؛ وجهان؛ أحدهما: زائدة؛ والتقدير: " هل فيكم غيركم" ؛ الثاني: صفة لموصوف محذوف؛ أي: " أحد من غيركم" ؛ كقوله (تعالى): ومن أهل المدينة مردوا على النفاق ؛ أي: " قوم مردوا" ؛ على كل فالكلام تام؛ وقولهم في الجواب: " إلا ابن أختنا" ؛ يجوز رفعه على البدل؛ ونصبه على الاستثناء.



الخدمات العلمية