الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
225 - " أحبوا العرب لثلاث؛ لأني عربي؛ والقرآن عربي؛ وكلام أهل الجنة عربي " ؛ (عق طب ك هب) ؛ عن ابن عباس ؛ (صح).

التالي السابق


(أحبوا العرب) ؛ بالتحريك؛ خلاف العجم؛ (لثلاث) ؛ أي: لأجل خصال ثلاث؛ امتازت بها؛ (لأني عربي؛ والقرآن عربي) ؛ قال (تعالى): لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ؛ وأعظم بهذه من منة! إذ لو كان أعجميا لكان نازلا على السمع دون القلب؛ لأنك تسمع أجراس حروف لا تفهم معانيها؛ ولا تعيها؛ وقد يكون الرجل عارفا بعدة لغات؛ فإذا تكلم بلغته التي لقنها أولا؛ ونشأ عليها؛ وتطبع بها؛ لم يكن إقباله إلا على معاني الكلام؛ يتلقاها بقلبه؛ ولا يكاد يفطن للألفاظ كيف جرت؛ وإن كلم بغير تلك اللغة؛ وإن كان ماهرا فيها؛ خبيرا بمعرفتها؛ كان نظره أولا في ألفاظها؛ ثم في معانيها؛ ذكره في الكشاف؛ وفي الحديث إشعار بأنه لا يجوز قراءة القرآن بغير اللسان العربي؛ فهو رد على أبي حنيفة في إجازته ذلك؛ قال في الكشاف: في كلام العرب؛ خصوصا في القرآن؛ الذي هو معجزة؛ لفصاحته وغرابة نظمه وأساليبه؛ من لطائف المعاني والأغراض؛ وما لا يستقل بأدائه لسان؛ من فارسية وغيرها؛ وما كان أبو حنيفة يحسن الفارسية؛ فلم يكن ذلك منه عن تحقيق وتبصر؛ إلى هنا كلامه؛ (وكلام أهل الجنة) ؛ أي: تحاورهم فيما بينهم في الجنة؛ (عربي) ؛ وقد كان سيدنا آدم - عليه الصلاة والسلام - لا يتكلم فيها إلا به؛ فلما أهبط إلى الأرض تكلم بغيره؛ وهذه الجمل واردة مورد الحث على حب العرب؛ وهو منزل على قيد الحيثية؛ أي: من حيث كونهم عربا؛ وقد يعرض لهم ما يوجب البغض؛ والازدياد منه؛ بحسب ما يعرض لهم من الكفر؛ والنفاق؛ وقد قال - سبحانه وتعالى - في شأن قوم منهم: الأعراب أشد كفرا ونفاقا ؛ فإذا وفق العبد لمحبتهم؛ من حيث كون المصطفى - صلى الله عليه وسلم - منهم؛ وأن القرآن أنزل بلغتهم؛ وأن كلام الرفيق الأعلى بلسانهم؛ لعذوبته؛ وفصاحته؛ واستقامته؛ كان ذلك واسطة في حبه؛ وإذا خذل فأبغضهم من الجهات المذكورة؛ كان لازمه بغضه؛ وهو كفر؛ وإذا أبغضهم من حيث كفرهم؛ أو نفاقهم؛ كان واجبا؛ فاستبان أنه قد يجب الحب؛ وقد يجب البغض؛ ويبقى مطلق الحب من [ ص: 179 ] الحيثية التي سبق الكلام عليها؛ واعلم أن ستة من الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - من العرب؛ نوح وهود وإسماعيل وصالح وشعيب ومحمد؛ وباقيهم من غيرهم.

(فائدة) : رأيت بخط مغلطاي: ذكر ابن ظفر؛ عن معمر ؛ عن الزهري : أشخصت إلى هشام بن عبد الملك ؛ فلما كنت بالبلقاء رأيت حجرا مكتوبا عليه بالعبرانية؛ فأرشدت إلى شيخ يقرؤه؛ فلما قرأه ضحك؛ وقال: أمر عجيب؛ مكتوب عليه: " باسمك اللهم؛ جاء الحق من ربك بلسان عربي مبين؛ لا إله إلا الله؛ محمد رسول الله؛ وكتبه موسى بن عمران بخطه" ؛ انتهى.

(عق)؛ عن محمد بن عبد الله الحضرمي؛ عن العلاء بن عمرو الحنفي؛ عن يحيى بن بريدة ؛ عن ابن جريج ؛ عن عطاء ؛ عن ابن عباس ؛ ثم قال الهيتمي؛ بعدما عزاه له: فيه العلاء بن عمرو الحنفي؛ وهو مجمع على ضعفه؛ (ك)؛ في المناقب؛ (هب؛ عن ابن عباس ) ؛ قال: صحيح؛ ورده الذهبي في التلخيص؛ بأن فيه يحيى بن بريدة الأشعري؛ ضعفه أحمد وغيره؛ والعلاء بن عمرو الحنفي؛ وليس بعمدة؛ ومحمد بن الفضل - متهم -؛ قال: وأظن الحديث موضوعا؛ انتهى؛ وفي الميزان - ترجمة العلاء -: عن ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به بحال؛ ثم ساق له هذا الخبر؛ وقال أبو حاتم : هذا موضوع؛ وقال: هذا كذاب؛ انتهى؛ وذكر مثله في اللسان؛ ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوعات؛ وتعقبه المصنف بما حاصله أن له شاهدا ومتابعا؛ وقال السخاوي : ابن بريدة والراوي عنه ضعيفان؛ وقد تفردا به؛ كما قال البيهقي ؛ ومتابعه ابن الفضل لا يعتد به؛ لاتهامه بالكذب؛ انتهى؛ وأما قول السلفي: هذا حديث حسن؛ فمراده به - كما قال ابن تيمية - حسن؛ منته على الاصطلاح العام حسن إسناده على طريقة المحدثين.



الخدمات العلمية