الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
283 - " اخبر تقله " ؛ (ع طب عد حل) ؛ عن أبي الدرداء .

التالي السابق


(اخبر) ؛ بضم الهمزة؛ والموحدة؛ أمر؛ بمعنى الخبر؛ (تقله) ؛ بفتح؛ فسكون؛ فضم؛ أو كسر؛ من " القلى" ؛ البغض الشديد؛ قال في الكشاف: كأنه بغض يقلي الفؤاد والكبد؛ انتهى؛ والهاء للسكت؛ وهذا لفظ رواية أبي يعلى؛ ولفظ رواية ابن عدي وغيره: " وجدت الناس: اخبر تقله" ؛ أي: وجدت أكثرهم كذلك؛ أي: علمتهم مقولا فيهم هذا القول؛ ما منهم من أحد إلا وهو مسخوط الفعل عند الخبرة؛ فإذا خبرته أبغضته؛ كذا قرره بعض الأعاظم؛ وظاهر اقتصاره على جعل الهاء للسكت أنها ليست إلا له؛ لكن ذكر فيه في الكشف أنها إما للسكت؛ أو ضمير؛ حيث قال: قيل: مقول في شأنهم؛ فهو ثاني [ ص: 207 ] المفعولين؛ والضمير العائد إلى الأول محذوف؛ والهاء للسكت؛ أو هو الضمير؛ نظرا إلى لفظ " الناس" ؛ وقيل: " وجدت" ؛ بمعنى " عرفت" ؛ و" الناس" ؛ مفعول " اخبر" ؛ مقدما؛ أي: " عرفت هذه القصة وتحققتها وجدانا" ؛ وأيا ما كان؛ فالقصد أن من جرب الناس عرف خبث سرائر أكثرهم؛ وندرة إنصافهم؛ وفرط استئثارهم؛ وفي العيان ما يغني عن البرهان؛ وفي هذا اللفظ من البلاغة ما هو غني عن البيان؛ وقد قيل: اللفظ الحسن إحدى النفاثات في العقد؛ قال الغزالي: واحذر خصوصا مخالطة متفيهقة هذا الزمان؛ سيما المشتغلين بالخلاف؛ والجدال؛ فإنهم يتربصون بك لحسدهم ريب المنون؛ ويقطعون عليك بالظنون؛ ويتغامزون وراءك بالعيون؛ يحصون عليك عثراتك في عشرتهم؛ وفي عشيرتهم؛ ويجبهونك بها في عصبتهم ومناظرتهم؛ لا يقيلون لك عثرة؛ ولا يغفرون لك زلة؛ ولا يسترون لك عورة؛ يحاسبونك على النقير والقطمير؛ ويحسدونك على القليل والكثير؛ ويحرضون عليك الإخوان بالتهمة والبهتان؛ إن رضوا فظاهرهم الملق؛ وإن سخطوا فباطنهم الحنق؛ ظاهرهم ثياب؛ وباطنهم ذئاب؛ هذا ما قضت به المشاهدة في أكثرهم؛ إلا من رحم الله؛ فصحبتهم خسران؛ ومعاشرتهم خذلان؛ هذا حكم من يظهر لك الصداقة؛ فكيف بمن يجاهرك بالعداوة؟! إلى هنا كلام حجة الإسلام الغزالي - رحمه الله - فإذا كان هذا زمانه؛ فما بالك بهذا الزمان؟! ومن نظم أبي الحسين الطائي - رحمه الله -:


نظرت وما كل امرئ ينظر الهدى ... إذا اشتبهت أعلامه ومذاهبه

فأيقنت أن الخير والشر فتنة
... وخيرهما ما كان خيرا عواقبه

أرى الخير كل الخير أن يهجر الفتى
... أخاه وأن ينأى عن الناس جانبه

يعيش بخير كل من عاش واحدا
... ويخشى عليه الشر ممن يصاحبه



وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه؛ ولا كذلك؛ بل بقيته: " ...وثق بالناس رويدا" ؛ انتهى؛ وممن ساقه هكذا هو؛ في جامعه الكبير؛ انتهى.

(ع طب عد حل؛ عن أبي الدرداء ) ؛ قال الزركشي: سنده ضعيف؛ وقال الهيتمي: فيه أبو بكر بن أبي مريم؛ وهو ضعيف؛ وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح؛ وقال السخاوي - رحمه الله -: طرقه كلها ضعيفة؛ لكن شاهده في الصحيحين: " الناس كإبل مائة؛ لا تجد فيها راحلة" ؛ انتهى كلامه إلى هنا.



الخدمات العلمية