الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
288 - " اختلاف أمتي رحمة " ؛ نصر المقدسي؛ في الحجة؛ البيهقي ؛ في الرسالة الأشعرية؛ بغير سند؛ وأورده الحليمي؛ والقاضي حسين ؛ وإمام الحرمين؛ وغيرهم؛ ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا.

التالي السابق


(اختلاف) ؛ " افتعال" ؛ من " الخلف" ؛ وهو ما يقع من افتراق بعد اجتماع؛ في أمر من الأمور؛ ذكره الحراني ؛ (أمتي) ؛ أي: مجتهدي أمتي؛ في الفروع التي يسوغ الاجتهاد فيها؛ فالكلام في الاجتهاد في الأحكام؛ كما في تفسير القاضي؛ قال: فالنهي مخصوص بالتفرق في الأصول؛ لا الفروع؛ انتهى؛ قال السبكي: ولا شك أن الاختلاف في الأصول ضلال؛ وسبب كل فساد؛ كما أشار إليه القرآن؛ وأما ما ذهب إليه جمع من أن المراد الاختلاف في الحرف والصنائع؛ فرده السبكي بأنه كان المناسب على هذا أن يقال: " اختلاف الناس رحمة" ؛ إذ لا خصوص للأمة بذلك؛ فإن كل الأمم مختلفون في الحرف والصنائع؛ فلا بد من خصوصية؛ قال: وما ذكره إمام الحرمين في النهاية كالحليمي؛ من أن المراد اختلافهم في المناصب والدرجات والمراتب؛ فلا ينساق الذهن من لفظ الاختلاف إليه؛ (رحمة) ؛ للناس؛ كذا هو ثابت في رواية من عزا المصنف الحديث إليه؛ فسقطت اللفظة منه سهوا؛ أي: اختلافهم توسعة على الناس؛ بجعل المذاهب كشرائع متعددة؛ بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بكلها؛ لئلا تضيق بهم الأمور من إضافة الحق الذي فرضه الله (تعالى) على المجتهدين؛ دون غيرهم؛ ولم يكلفوا ما لا طاقة لهم به؛ توسعة في شريعتهم السمحة السهلة؛ فاختلاف المذاهب نعمة كبيرة؛ وفضيلة جسيمة خصت بها هذه الأمة؛ فالمذاهب التي استنبطها أصحابه فمن بعدهم؛ من أقواله؛ وأفعاله؛ على تنوعها؛ كشرائع متعددة له؛ وقد وعد بوقوع ذلك؛ فوقع؛ وهو من معجزاته - صلى الله عليه وسلم -؛ أما الاجتهاد في العقائد فضلال؛ ووبال؛ كما تقرر؛ والحق ما عليه أهل السنة؛ والجماعة؛ فقط؛ فالحديث إنما هو في الاختلاف في الأحكام؛ و" رحمة" ؛ نكرة في سياق الإثبات؛ لا تقتضي عموما؛ فيكفي في صحته أن يحصل في الاختلاف رحمة ما؛ في وقت ما؛ في حال ما؛ على وجه ما؛ وأخرج البيهقي ؛ في المدخل؛ عن القاسم بن محمد ؛ أو عمر بن عبد العزيز : لا يسرني أن أصحاب محمد لم يختلفوا؛ لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة؛ ويدل لذلك ما رواه البيهقي من حديث ابن عباس ؛ مرفوعا: " أصحابي بمنزلة النجوم في السماء؛ فبأيهم اقتديتم اهتديتم؛ واختلاف أصحابي لكم رحمة" ؛ قال السمهودي: واختلاف الصحابة في فتيا؛ اختلاف الأمة؛ وما روي من أن مالكا لما أراده الرشيد على الذهاب معه إلى العراق؛ وأن يحمل الناس [ ص: 210 ] على الموطإ؛ كما حمل عثمان الناس على القرآن؛ فقال مالك : أما حمل الناس على الموطإ فلا سبيل إليه؛ لأن الصحابة - رضي الله (تعالى) عنهم - افترقوا بعد موته - صلى الله عليه وسلم - في الأمصار؛ فحدثوا؛ فعند أهل كل مصر علم؛ وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " اختلاف أمتي رحمة" ؛ كالصريح في أن المراد الاختلاف في الأحكام؛ كما نقله ابن الصلاح ؛ عن مالك ؛ من أنه قال في اختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مخطئ؛ ومصيب؛ فعليك بالاجتهاد؛ قال: وليس كما قال ناس: فيه توسعة على الأمة بالاجتهاد؛ إنما هو بالنسبة إلى المجتهد؛ لقوله: " فعليك بالاجتهاد" ؛ فالمجتهد مكلف بما أداه إليه اجتهاده؛ فلا توسعة عليه في اختلافهم؛ وإنما التوسعة على المقلد؛ فقول الحديث: " اختلاف أمتي رحمة للناس" ؛ أي: لمقلديهم؛ ومساق قول مالك : " مخطئ؛ ومصيب..." ؛ إلخ؛ إنما هو الرد على من قال: من كان أهلا للاجتهاد له تقليد الصحابة؛ دون غيرهم؛ وفي العقائد لابن قدامة الحنبلي أن اختلاف الأئمة رحمة؛ واتفاقهم حجة؛ انتهى.

فإن قلت: هذا كله لا يجامع نهي الله (تعالى) عن الاختلاف؛ بقوله (تعالى): واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ؛ وقوله (تعالى): ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ؛ الآية؛ قلت: هذه دسيسة ظهرت من بعض من في قلبه مرض؛ وقد قام بأعباء الرد عليه جمع جم؛ منهم ابن العربي؛ وغيره؛ بما منه أنه - سبحانه وتعالى - إنما ذم كثرة الاختلاف على الرسل كفاحا؛ كما دل عليه خبر: " إنما أهلك الذين من قبلكم كثرة اختلافهم على أنبيائهم" ؛ وأما هذه الأمة فمعاذ الله (تعالى) أن يدخل فيها أحد من العلماء المختلفين؛ لأنه أوعد الذين اختلفوا بعذاب عظيم؛ والمعترض موافق على أن اختلاف هذه الأمة في الفروع؛ مغفور لمن أخطأ منهم؛ فتعين أن الآية فيمن اختلف على الأنبياء؛ فلا تعارض بينها وبين الحديث؛ وفيه رد على المتعصبين لبعض الأئمة؛ على بعض؛ وقد عمت به البلوى؛ وعظم به الخطب؛ قال الذهبي : وبين الأئمة اختلاف كبير في الفروع؛ وبعض الأصول؛ وللقليل منهم غلطات وزلقات ومفردات منكرة؛ وإنما أمرنا باتباع أكثرهم صوابا؛ ونجزم بأن غرضهم ليس إلا اتباع الكتاب والسنة؛ وكل ما خالفوا فيه؛ لقياس؛ أو تأويل؛ قال: وإذا رأيت فقيها خالف حديثا؛ أو رد حديثا؛ أو حرف معناه؛ فلا تبادر لتغليطه؛ فقد قال علي - كرم الله وجهه - لمن قال له: أتظن أن طلحة ؛ والزبير ؛ كانا على باطل؟ -: " يا هذا؛ إنه ملبوس عليك؛ إن الحق لا يعرف بالرجال؛ اعرف الحق؛ تعرف أهله" ؛ وما زال الاختلاف بين الأئمة واقعا في الفروع؛ وبعض الأصول؛ مع اتفاق الكل على تعظيم الباري - جل جلاله -؛ وأنه ليس كمثله شيء؛ وأن ما شرعه رسوله حق؛ وأن كتابهم واحد؛ ونبيهم واحد؛ وقبلتهم واحدة؛ وإنما وضعت المناظرة لكشف الحق؛ وإفادة العالم الأذكى العلم لمن دونه؛ وتنبيه الأغفل الأضعف؛ فإن داخلها زهو من الأكمل؛ وانكسار من الأصغر؛ فذاك دأب النفوس الزكية في بعض الأحيان؛ غفلة عن الله؛ فما الظن بالنفوس الشريرة المنطفية؛ انتهى.

ويجب علينا أن نعتقد أن الأئمة الأربعة والسفيانين؛ والأوزاعي ؛ وداود الظاهري؛ وإسحاق بن راهويه ؛ وسائر الأئمة على هدى؛ ولا التفات لمن تكلم فيهم بما هم بريئون منه؛ والصحيح وفاقا للجمهور أن المصيب في الفروع واحد؛ ولله (تعالى) فيما حكم عليه أمارة؛ وأن المجتهد كلف بإصابته؛ وأن مخطئه لا يأثم؛ بل يؤجر؛ فمن أصاب فله أجران؛ ومن أخطأ فأجر؛ نعم؛ إن قصر المجتهد أثم؛ اتفاقا؛ وعلى غير المجتهد أن يقلد مذهبا معينا؛ وقضية جعل الحديث الاختلاف رحمة: جواز الانتقال من مذهب لآخر؛ والصحيح عند الشافعية جوازه؛ لكن لا يجوز تقليد الصحابة؛ وكذا التابعين؛ كما قاله إمام الحرمين؛ من كل من لم يدون مذهبه؛ فيمتنع تقليد غير الأربعة في القضاء؛ والإفتاء؛ لأن المذاهب الأربعة انتشرت؛ وتحررت؛ حتى ظهر تقييد مطلقها؛ وتخصيص عامها؛ بخلاف غيرهم؛ لانقراض أتباعهم؛ وقد نقل الإمام الرازي - رحمه الله (تعالى) - إجماع المحققين على منع العوام من تقليد أعيان الصحابة؛ وأكابرهم؛ انتهى.

نعم؛ يجوز لغير عامي من الفقهاء المقلدين تقليد غير الأربعة في العمل لنفسه؛ إن علم نسبته لمن يجوز تقليده؛ وجمع شروطه عنده؛ لكن بشرط ألا يتتبع الرخصة بأن يأخذ من كل مذهب الأهون؛ بحيث تنحل ربقة التكليف من عنقه؛ وإلا لم يجز؛ خلافا لابن عبد السلام؛ حيث أطلق جواز تتبعها؛ وقد يحمل كلامه على ما إذا تتبعها على وجه لا يصل [ ص: 211 ] إلى الانحلال المذكور؛ وقول ابن الحاجب ؛ كالآمدي: من عمل في مسألة بقول إمام ليس له العمل فيها بقول غيره اتفاقا؛ إن أراد به اتفاق الأصوليين؛ فلا يقضي على اتفاق الفقهاء؛ والكلام فيه؛ وإلا فهو مردود؛ ومرفوض؛ فيما لو بقي من آثار العمل الأول ما يستلزم تركب حقيقة لا يقول بها كل من الإمامين؛ كتقليد الإمام الشافعي في مسح بعض الرأس؛ والإمام مالك في طهارة الكلب في صلاة واحدة؛ فعلم أنه إنما يمتنع تقليد الغير في تلك الواقعة نفسها؛ لا مثلها؛ كأن أفتى ببينونة زوجته بنحو تعليق؛ فنكح أختها؛ ثم أفتى بأن لا بينونة؛ ليس له الرجوع للأولى بغير إبانتها؛ وكأن أخذ بشفعة جوار؛ تقييدا للحنفي؛ ثم استحقت عليه؛ فيمتنع تقليده الشافعي في تركها؛ لأن كلا من الإمامين لا يقول به؛ فلو اشترى بعده عقارا؛ وقلد الإمام الشافعي في عدم القول بشفعة الجوار؛ لم يمنعه ما تقدم من تقليده في ذلك؛ فله الامتناع في تسليم العقار الثاني؛ وإن قال الآمدي وابن الحاجب - ومن على قدمهما كالمحلي - بالمنع في هذا؛ وعمومه في جميع صور ما وقع العمل به أولا؛ فهو ممنوع؛ وزعم الاتفاق عليه باطل؛ وحكى الزركشي أن القاضي أبا الطيب أقيمت صلاة الجمعة؛ فهم بالتكبير؛ فذرق عليه طير؛ فقال: أنا حنبلي؛ فأحرم؛ ولم يمنعه عمله بمذهبه من تقليد المخالف عند الحاجة؛ وممن جرى على ذلك السبكي؛ فقال: المنتقل من مذهب لآخر له أحوال: الأول: أن يعتقد رحجان مذهب الغير؛ فيجوز عمله به؛ اتباعا للراجح في ظنه؛ الثاني: أن يعتقد رجحان شيء؛ فيجوز؛ الثالث: أن يقصد بتقليده الرخصة فيما يحتاجه؛ لحاجة لحقته؛ أو ضرورة أرهقته؛ فيجوز؛ الرابع: أن يقصد مجرد الترخص؛ فيمتنع؛ لأنه متبع لهواه؛ لا للدين؛ الخامس: أن يكثر ذلك؛ ويجعل اتباع الرخص ديدنه؛ فيمتنع؛ لما ذكر؛ ولزيادة فحشه؛ السادس: أن يجتمع من ذلك حقيقة مركبة ممتنعة بالإجماع؛ فيمتنع؛ السابع: أن يعمل بتقليد الأول؛ كحنفي يدعي شفعة جوار؛ فيأخذها بمذهب الحنفي؛ فتستحق عليه؛ فيريد تقليد الإمام الشافعي ؛ فيمتنع؛ لخطئه في الأولى؛ أو الثانية؛ وهو شخص واحد مكلف.

قال: وكلام الآمدي وابن حجاب منزل عليه؛ وسئل البلقيني عن التقليد في المسألة السريجية؛ فقال: أنا لا أفتي بصحة الدور؛ لكن إذا قلد من قال بعدم وقوع الطلاق كفي؛ ولا يؤاخذه الله - سبحانه وتعالى - لأن الفروع الاجتهادية لا يعاقب عليها؛ أي: مع التقليد؛ وهو ذهاب منه إلى جواز تقليد المرجوح؛ وتتبعه؛ قال بعضهم: ومحل ما مر من منع تتبع الرخص؛ إذا لم يقصد به مصلحة دينية؛ وإلا فلا منع؛ كبيع مال الغائب؛ فإن السبكي أفتى بأن الأولى تقليد الشافعي فيه؛ لاحتياج الناس غالبا في نحو مأكول ومشروب إليه؛ والأمر إذا ضاق اتسع؛ وعدم تكرير الفدية بتكرر المحرم اللبس؛ فالأولى تقليد الشافعي لمالك فيه؛ كما أفتى به الإبشيطي؛ وذهب الحنفية إلى منع الانتقال مطلقا؛ قال في فتح القدير: المنتقل من مذهب لمذهب؛ باجتهاد وبرهان؛ آثم؛ عليه التعزير؛ وبدونهما أولى؛ ثم حقيقة الانتقال إنما تتحقق في حكم مسألة خاصة قلد فيها؛ وعمل بها؛ وإلا فقوله: قلدت أبا حنيفة فيما أفتى به من المسائل؛ أو التزمت العمل به على الإجمال؛ وهو لا يعرف صورها؛ ليس حقيقة التقليد؛ بل وعد به؛ أو تعليق له؛ كأنه التزم العمل بقوله فيما يقع له؛ فإذا أراد بهذا الالتزام فلا دليل على وجوب اتباع المجتهد بإلزامه نفسه بذلك؛ قولا؛ أو نية؛ شرعا؛ بل الدليل اقتضى العمل بقول المجتهد فيما يحتاجه؛ بقوله (تعالى): فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ؛ والمسؤول عنه إنما يتحقق عند وقوع الحادثة؛ قال: والغالب أن مثل هذه الالتزامات لكف الناس عن تتبع الرخص؛ إلا أن أخذ العامي في كل مسألة بقول مجتهد أخف عليه؛ ولا يدرى ما يمنع هذا من النقل؛ والعقل؛ انتهى؛ وذهب بعض المالكية إلى جواز الانتقال؛ بشروط؛ ففي التنقيح للقرافي عن الزناتي: التقليد يجوز بثلاثة شروط: ألا يجمع بينهما على وجه يخالف الإجماع؛ كمن تزوج بلا صداق ولا ولي ولا شهود؛ فإنه لم يقل به أحد؛ وأن يعتقد في مقلده الفضل؛ وألا يتتبع الرخص والمذاهب؛ وعن غيره يجوز فيما لا ينقض فيه قضاء القاضي؛ وهو ما خالف الإجماع؛ أو القواعد الكلية؛ أو القياس الجلي؛ ونقل عن الحنابلة ما يدل للجواز؛ وقد انتقل جماعة من المذاهب الأربعة من مذهبه لغيره؛ منهم عبد العزيز بن عمران ؛ كان مالكيا؛ فلما قدم الإمام الشافعي - رحمه الله (تعالى) - مصر؛ تفقه عليه؛ وأبو ثور ؛ من مذهب الحنفي إلى مذهب الشافعي ؛ وابن عبد الحكم؛ من مذهب مالك إلى الشافعي ؛ ثم عاد؛ وأبو جعفر بن نصر؛ من الحنبلي إلى الشافعي ؛ والطحاوي ؛ من الشافعي إلى الحنفي؛ والإمام السمعاني؛ من الحنفي إلى الشافعي ؛ والخطيب البغدادي ؛ والآمدي؛ وابن برهان؛ من الحنبلي إلى الشافعي ؛ وابن فارس؛ صاحب المجمل؛ من الشافعي [ ص: 212 ] للمالكي؛ وابن الدهان؛ من الحنبلي للحنفي؛ ثم تحول شافعيا؛ وابن دقيق العيد؛ من المالكي للشافعي ؛ وأبو حيان؛ من الظاهري للشافعي ؛ ذكره الإسنوي وغيره؛ وإنما أطلنا وخرجنا عن جادة الكتاب لشدة الحاجة لذلك؛ وقد ذكر جمع أنه من المهمات التي يتعين إتقانها.

(تنبيه) : قال بعض علماء الروم: المهدي يرفع الخلاف؛ ويجعل الأحكام مختلفة في مسألة واحدة حكما واحدا؛ هو ما في علم الله؛ وتصير المذاهب مذهبا واحدا؛ لشهوده الأمر على ما هو عليه؛ في علم الله؛ لارتفاع الحجاب عن عين جسمه وقلبه؛ كما كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ انتهى؛ فإن أراد بالمهدي عيسى - عليه الصلاة والسلام - فظاهر؛ أو الخليفة الفاطمي الذي يأتي آخر الزمان؛ وقد ملئت الأرض ظلما وجورا؛ فممنوع؛ والله - سبحانه وتعالى - أعلم.

(نصر المقدسي؛ في الحجة) ؛ أي: في كتاب الحجة؛ له كذا؛ عزاه له الزركشي في الأحاديث المشتهرة؛ ولم يذكر سنده ولا صحابيه؛ وتبعه المؤلف عليه؛ ( والبيهقي ؛ في الرسالة الأشعرية) ؛ معلقا؛ (بغير سند) ؛ لكنه لم يجزم به؛ كما فعل المؤلف؛ بل قال: " روي..." ؛ (وأورده الحليمي) ؛ الحسين بن الحسن؛ الإمام أبو عبد الله ؛ أحد أئمة الدهر؛ وشيخ الشافعية؛ بما وراء النهر؛ في كتاب الشهادات؛ من تعليقه؛ ( والقاضي حسين ) ؛ أحد أركان مذهب الشافعي ؛ ورفعائه؛ (وإمام الحرمين) ؛ الأسد بن الأسد؛ والسبكي؛ وولده التاج؛ (وغيرهم) ؛ قال السبكي: وليس بمعروف عند المحدثين؛ ولم أقف له على سند صحيح؛ ولا ضعيف؛ ولا موضوع؛ (ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا) ؛ وأسنده في المدخل؛ وكذا الديلمي في مسند الفردوس؛ كلاهما من حديث ابن عباس ؛ مرفوعا؛ بلفظ: " اختلاف أصحابي رحمة" ؛ واختلاف الصحابة في حكم اختلاف الأمة؛ كما مر؛ لكن هذا الحديث قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف؛ وقال ولده المحقق أبو زرعة : رواه أيضا آدم بن أبي إياس ؛ في كتاب العلم؛ بلفظ: " اختلاف أصحابي لأمتي رحمة" ؛ وهو مرسل؛ ضعيف؛ وفي طبقات ابن سعد عن القاسم بن محمد نحوه.



الخدمات العلمية