الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
43 - " ابتغوا الرفعة عند الله: تحلم عمن جهل عليك؛ وتعطي من حرمك " ؛ (عد)؛ عن ابن عمر .

التالي السابق


(ابتغوا) ؛ بكسر الهمزة: اطلبوا بجد واجتهاد؛ قال الراغب : " الابتغاء" ؛ مخصوص بالاجتهاد في الطلب؛ وقال الحراني : " الابتغاء" : افتعال تكلف البغي؛ وهو أشد الطلب؛ (الرفعة) ؛ بكسر الراء: الشرف؛ وعلو المنزلة؛ (عند الله) ؛ أي: في دار كرامته؛ قال الراغب : " عند" ؛ لفظ موضوع للقرب؛ يستعمل تارة في المكان؛ وتارة في الاعتقاد؛ وتارة في الزلفى والمنزلة؛ نحو: أحياء عند ربهم يرزقون ؛ وعليه قوله: هو الحق من عندك ؛ قال بعض الصحب: وما هي يا رسول الله؛ أي: وما يحصلها؟ قال (تحلم) ؛ بضم اللام؛ (عمن جهل) ؛ أي: سفه؛ (عليك) ؛ أي: تضبط نفسك عن هيجان الغضب من سفهه؛ قال الزمخشري : " فلان يجهل على قومه" ؛ يتسافه عليهم؛ قيل:


ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا



وقال الراغب : " الحلم" : ضبط النفس والطبع عند هيجان الغضب؛ (وتعطي من حرمك) ؛ منعك ما هو لك؛ أو معروفه؛ ورفده؛ لأن مقام الإحسان إلى المسيء؛ ومقابلة إساءته بالصلة؛ من كمال الإيمان الموجب للرفعة؛ وفيه من الفوائد والمصالح ما ينبئ عنه نطاق الحصر؛ فإذا بلغ العبد ذروة هاتين الخصلتين؛ فقد فاز بالقدح المعلى؛ وحل في مقام الرفعة عند [ ص: 74 ] المولى؛ وقد اتفقت الملل والنحل على أن الحلم والسخاء يرفعان العبد؛ وإن كان وضيعا؛ وأنهما أصل الخصال الموصلة إلى السعادة العظمى؛ وما سواهما فرع عنهما.

(عد؛ عن) ؛ أبي عبد الرحمن ؛ (ابن عمر) ؛ ابن الخطاب ؛ وفيه - كما في الأصل - الوازع بن نافع ؛ متروك؛ وقال الحاكم وغيره: يروي أحاديث موضوعة؛ وأطال في اللسان القدح فيه؛ وتوهين ما يرويه.



الخدمات العلمية