جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم- في صلاة النوافل التي لم تشرع لها الجماعة
الباب الأول في صلاته- صلى الله عليه وسلم- المقرونة بالفرائض .
وفيه أنواع :
الأول : في صلاته- صلى الله عليه وسلم- النفل قائما كثيرا ، وقاعدا قليلا .
روى مسلم ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «لما بدن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وثقل كان أكثر صلاته جالسا» .
وروى أيضا عن عبد الله بن شقيق قال : قلت لعائشة- رضي الله تعالى عنها- هل كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو قاعد ؟ قالت نعم بعد ما حطمه الناس .
وروى أيضا عن حفصة- رضي الله تعالى عنها قالت : ما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى سبحته قاعدا حتى كان قبل وفاته بعام ، فكان يصلي في سبحته قاعدا ، وكان يقرأ بالسورة فيرتلها ، حتى تكون أطول من أطول منها .
وروى أيضا عن جابر بن سمرة- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يمت حتى صلى قاعدا .
وروى الشيخان ، وابن سعد ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «ما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في شيء من صلاة الليل جالسا ، حتى إذا كبر قرأ جالسا ، فإذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آية قام فقرأها وهو قائم ، ثم ركع ثم سجد ، فقعد في الركعة الثانية مثل ذلك فإذا قضى صلاته نظر فإن كنت يقظى تحدث معي ، وإن كنت نائمة اضطجع» .
وروى الشيخان عن عروة عنها أنها أخبرته أنها لم تر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في شيء [ ص: 254 ] من صلاة الليل قاعدا حتى إذا كبر قرأ جالسا حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحو من ثلاثين أو أربعين آية ثم ركع .
وروى مسلم عن عمرة عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «يقرأ وهو قاعد ، فإذا أراد أن يركع قام قدر ما يقرأ إنسان أربعين آية» .
وروى مسلم عن عبد الله بن شقيق عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي ليلا طويلا قائما وليلا طويلا قاعدا ، وكان إذا قرأ قائما ركع قائما وإذا قرأ قاعدا» وفي لفظ : إذا افتتح الصلاة قائما ركع قائما ، وإذا افتتح الصلاة قاعدا ركع قاعدا .
وروى مسلم عنها قالت : «إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يمت حتى كان كثير من صلاته وهو جالس» .
وروى عنها أيضا قالت : «لما بدن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وثقل كان أكثر صلاته جالسا» .
وروى الإمام أحمد ، والنسائي ، والبيهقي ، عن أم سلمة ، قالت : ما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى كان أكثر صلاته قاعدا إلا المكتوبة وكان أحب العمل إليه أدومه وإن قل .
وروى النسائي ، والدارقطني ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى متربعا» .
وروى الإمام مالك ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يصلي جالسا فيقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأ وهو قائم ، ثم ركع وسجد ، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك» .
الثاني : في صلاته- صلى الله عليه وسلم- سنة الصبح ومحافظته عليها وتخفيفها وما كان يقرأ فيهما ، واضطجاعه بعدها وقضائه إياها . [ ص: 255 ]
روى الإمام أحمد والخمسة عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «لم يكن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر» ، وفي رواية : «ما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أسرع في شيء من النوافل أسرع منه من الركعتين قبل الفجر» .
وروى أبو داود عن بلال- رضي الله تعالى عنها- أنه أتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليؤذنه بصلاة الغداة فشغلت عائشة بلالا بأمر سألته عنه حتى فضحه الصبح ، فأصبح جدا فقام بلال فآذنه بالصلاة وتابع أذانه ، فلم يخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما خرج صلى بالناس وأخبره بلال أن عائشة شغلته بأمر سألته عنه حتى أصبح جدا وأنه أبطأ عليه بالخروج ، فقال : إني كنت ركعت ركعتي الفجر ، فقال : يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إنك أصبحت جدا قال : «لو أصبحت أكثر مما أصبحت لركعتهما وأحسنتهما وأجملتهما» .
وروى الشيخان عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي ركعتي الفجر فيخففهما حتى أقول هل قرأ فيهما أم القرآن» .
وروى البخاري والنسائي عنها قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر [قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر] بعد أن يستبين الفجر ، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة» .
وروى الإمام مالك ، والشيخان والنسائي عن حفصة- رضي الله تعالى عنها- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا أذن المؤذن بالصبح وبدا الصبح لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة» .
وروى مسلم عنها قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين» .
وروي عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا يدع أربعا قبل الظهر ، وركعتين قبل الغداة . [ ص: 256 ]
وروى الإمام أحمد ومسلم وأبو داود ، والنسائي عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان كثيرا ما يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما بفاتحة القرآن قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا الآية التي في البقرة ، وفي الأخرى بفاتحة الكتاب ، والتي في آل عمران ، تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم .
وروى أبو داود عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- «أنه سمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في ركعتي الفجر قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا في الركعة الأولى ، وهذه الآية ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين .
وروى النسائي ، وابن ماجه عنه ، أنه سمع ، رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد .
وروى الترمذي وحسنه ، والنسائي ، وابن ماجه وابن حبان وابن الضريس ، والحاكم في الكنى ، وابن مردويه- وعندهما أربعين صباحا- عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال رمقت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شهرا «وفي لفظ» خمسا وعشرين مرة ، فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر : قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد .
وروى ابن أبي شيبة ، وابن ماجه ، وابن حبان ، والبيهقي ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي ركعتين قبل الفجر ، وكان يقول : «نعم السورتان هما يقرأ بهما في ركعتي الفجر» ، قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد .
وروى الجماعة إلا الترمذي عن ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه- قال : ما أحصي ما سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل صلاة الفجر ب قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد .
وروى مسلم ، والبيهقي ، في السنن عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد .
ورواه البيهقي ، عن أنس- رضي الله تعالى عنه -
وروى الطبراني عن أسامة بن عمير- رضي [ ص: 257 ] الله تعالى عنهما- أنه صلى مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ركعتين فصلى قريبا منه ، فصلى ركعتين خفيفتين ، فسمعته يقول : «رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ومحمد- صلى الله عليه وسلم- أعوذ بك من النار» ثلاث مرات» .
وروى الإمام أحمد ، والشيخان ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع فإن كنت مستيقظة تحدث معي ، وإن كنت نائمة اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيخرج إلى الصلاة» .
وروى البخاري عنها قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن» .
وروى الإمام أحمد ، عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا ركع ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن» .
وروى ابن ماجه ، والدارقطني- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نام عن ركعتي الفجر فقضاهما بعد ما طلعت الشمس .
وروى الدارقطني عن بلال- رضي الله تعالى عنه- قال : كنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في سفر فنام حتى طلعت الشمس فأمر بلالا فأذن ، ثم توضأ فصلى ركعتين ، ثم صلوا الغداة» .
وروى أيضا عن عمران بن حصين- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في مسير له فناموا عن صلاة الفجر ، فاستيقظوا بحر الشمس ، فارتفعوا قليلا حتى استقلت ، ثم أمر المؤذن فأذن ، ثم صلى ركعتين قبل الفجر [ثم أقام المؤذن فصلى الفجر] .
وروى البخاري ، وأبو بكر البرقاني ، عن عائشة- رضي الله عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا يدع ركعتين قبل الفجر» . [ ص: 258 ]


