الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : إذا ادعى رجل قتلا على رجل ، فإنه يؤخذ بصفة القتل ، فلا يخلو من أربعة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يدعي العمد المحض .

                                                                                                                                            والثاني : أن يدعي شبه العمد .

                                                                                                                                            والثالث : أن يدعي الخطأ .

                                                                                                                                            والرابع : أن يدعي القتل ولا يذكر عمدا ولا خطأ : لأنه لا يعرف حاله . فإن قال : هو عمد ، يؤخذ بصفته ، فلا يخلو من أربعة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يصفه بما لا يضمن فلا يقسم .

                                                                                                                                            والثاني : أن يصفه بصفة العمد المحض ، فيقسم عليها المنكر .

                                                                                                                                            والثالث : أن يصفه بشبه العمد ، فله أن يقسم على الصفة ، بأن يقول : ضربه بعصا فمات . قال : يقسم ، وعندي أنه يحتمل .

                                                                                                                                            والرابع : أن يصفه بالخطأ المحض ، ففيه طريقان . ومنهم من قال على قولين ، ومنهم من قال على اختلاف حالين ، وإذا ادعى شبه العمد فإنه يصفه ، فلا يخلو من أربعة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أنه يصفه بما لا يضمن فلا يقسم .

                                                                                                                                            والثاني : أن يصفه بشبه العمد فيقسم .

                                                                                                                                            والثالث : أن يصفه بالعمد المحض ، فيقسم على الدعوى . وعندي : أنه لا يقسم .

                                                                                                                                            والرابع : يصفه بالخطأ المحض فيقسم على الصفة . وإذا ادعى محضا ، فهل يؤخذ بالصفة أم لا ؟ على وجهين : فإذا قلنا : يؤخذ بالصفة ، فإن وصفه بما لا يضمن سقط ، وإن وصفه بالخطأ المحض يقسم ، وإن وصفه بشبه العمد يقسم على الدعوى دون الصفة . وإن وصفه بالعمد المحض ، فإن لم يرجع عن الدعوى أقسم على الدعوى . وإن [ ص: 21 ] رجع عن الدعوى إلى الصفة فلا يقسم . وإن جهل صفة القتل ، ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يحلف للجهل بموجبها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : - هو قول يذكر عن أبي إسحاق المروزي - أنه يقسم : لأن الجهل بصفة القتل ليس جهلا بموجبه . فإذا أقسم يحبس المجني عليه حتى يبين ، فإن تطاول زمانه أحلف أنه ما قتله عمدا ، ولزم الدية من الخطأ من ماله مؤجلة ، وفي تغليظها بالعمد وجهان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية