الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            وإذا أتى ما يوجب الحد ، ولم يعلم منه إلا بإقراره ، فلا يخلو الحد من أن يكون من حقوق الله تعالى ، أو من حقوق الآدميين . فإن كان من حقوق الآدميين كالقصاص وحد القذف لزمه الإقرار به ، ولم يصح كتمه : لأنه لا يسقط بالتوبة . وإن كان [ ص: 334 ] من حقوق الله تعالى كحد الزنا وقطع السرقة وجلد الخمر ، فقد قال أبو حامد الإسفراييني : إن لم يتكرر ذلك منه ولا كان مشهورا به ، فالمستحب له أن يكتمه على نفسه ولا يقر به . فإن تكرر منه وكان مشهورا به ، فالمستحب له أن يقر به ولا يكتمه . وليس لهذا الفرق وجه ، والصحيح عندي أن ينظر فإن تاب منه فاستحب له أن يكتمه ولا يقر به : لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله ، فإنه من يبد لنا صفحته ، نقم حد الله عليه .

                                                                                                                                            وإن لم يتب ، فالأولى أن يقر به : لأن في إقامة الحدود تكفيرا وتطهيرا .

                                                                                                                                            روى الشافعي ، عن سفيان ، عن الزهري ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن عبادة بن الصامت ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال : تبايعون على أن لا تشركوا بالله شيئا ، وقرأ علينا الآية ، وقال : فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن اختان من ذلك شيئا فعوقب فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه فهو إلى الله ، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه .

                                                                                                                                            قال الشافعي : لم أسمع في الحدود حديثا أبين من هذا .

                                                                                                                                            وروى خزيمة بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من أصاب ذنبا فأقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية