الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            فأما الفصل الثاني : في جواز تصرفه في ماله .

                                                                                                                                            فظهور الردة منه موجبة لوقوع الحجر عليه : لعلتين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تظاهره بها مع ما يفضي إليه من إباحة دمه دليل على سفه رأيه وضعف تمييزه .

                                                                                                                                            والثاني : أن انتقال ماله عنه إلى من باينه في الدين ، يوجب حفظه عليه : لتوجه التهمة إليه ، حتى لا يسرع إلى استهلاكه عليهم ، [ ص: 162 ] فإن حجر الحاكم عليه ، صح الحجر ، وفي معنى حجره وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه كحجر السفه وفي معناه ، إذا قيل : إن علة حجره سفه رأيه ، وضعف تمييزه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه كحجر المرض وفي معناه ، إذا قيل : إن علة حجره توجه التهمة إليه في حقوق المسلمين في ماله .

                                                                                                                                            ويكون بعد الحجر عليه ممنوعا من التصرف في ماله ، فإن تصرف فيه فضربان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون في تصرفه استهلاك لما له كالعطايا والهبات والوصايا والصدقات والوقف والعتق ، فكل ذلك باطل مردود ، سواء قيل : إن حجره حجر سفه ، أو حجر مرض .

                                                                                                                                            فإن قيل : فهلا جازت وصاياه إذا قيل : إن حجره حجر مرض ، كما تجوز وصايا المريض .

                                                                                                                                            قيل : لأن للمريض في ماله الثلث ، فأمضيت وصاياه من ثلثه ، وليس للمرتد ثلث تجعل وصاياه منه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني من تصرفه : ما لم يكن فيه استهلاك كالبيوع والإجارات بأعواض مثلها ، فيكون في صحتها وجهان بناء على معنى حجره :

                                                                                                                                            أحدهما : أن جميعها باطلة إذا قيل : إن حجره حجر سفه : لأن عقود السفيه باطلة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن جميعها جائزة ، إذا قيل : إن حجره حجر مرض : لأن عقود المريض جائزة .

                                                                                                                                            وعلى هذين الوجهين يكون حكم إقراره بالديون والحقوق ، أحد الوجهين : بطلان إقراره بجميعها ، إذا قيل : إنه حجر سفه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : صحة إقراره بجميعها ، إذا قيل : إنه حجر مرض .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية