الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ويختلفون في الإسار ، ولو أسر بالغ من الرجال الأحرار فحبس ليبايع ، رجوت أن يسع ، ولا يسع أن يحبس مملوك ولا غير بالغ من الأحرار ولا امرأة لتبايع ، وإنما يبايع النساء على الإسلام ، فأما على الطاعة فهن لا جهاد عليهن " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا أسر أهل البغي والحرب قائمة ، لم يجز قتل أسراهم . [ ص: 121 ] وقال أبو حنيفة : يجوز أن يقتلوا كأهل الحرب .

                                                                                                                                            والدليل عليه : ما رواه عبد الله بن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا ابن أم عبد ، ما حكم من بغى من أمتي ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يتبع مدبرهم ولا يجهز على جريحهم ، ولا يقتل أسيرهم ولا يقسم فيئهم . وهذا إن ثبت نص .

                                                                                                                                            ولأن سيرة علي عليه السلام فيهم كانت هكذا ، وعليها عمل المسلمون بعده .

                                                                                                                                            ولأن المقصود بقتالهم كفهم عن القتال ، وليس المقصود قتلهم .

                                                                                                                                            ولأنهم في دفعهم عن البغي في حكم الطالب نفس المطلوب الذي لا يجوز قتله بعد كفه ، كذلك البغاة ، وهم بخلاف أهل الحرب : لأن المقصود قتلهم بقتالهم فافترقوا .

                                                                                                                                            فعلى هذا : لو قتل أسير منهم ضمنه القاتل بالدية ، وفي ضمانه بالقود وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يقاد منه : لأنه قتل محظور النفس .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يقاد منه : لأنها شبهة تدرأ بالحدود .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية