مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " وإن ارتد سكران فمات كان ماله فيئا ، ولا يقتل إن لم يتب حتى يمتنع مفيقا . ( قال  المزني      ) : قلت : إن هذا دليل على طلاق السكران الذي لا يميز أنه لا يجوز " .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال : تصح  ردة السكران وإسلامه   كما يصح عتقه وطلاقه .  
وقال  أبو حنيفة      : لا تصح ردته ولا إسلامه ، وإن صح عتقه وطلاقه .  
احتجاجا بأن الإسلام والكفر يتعلقان بالاعتقاد المختص بالقلب : لقول الله تعالى :  إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان      [ النحل : 106 ] .  
وليس يصح من السكران اعتقاد يتعلق به كفر وإيمان ، فاقتضى أن يكون باطلا .  
قال : ولأنه لا عقل له ، فوجب أن لا تصح ردته ولا إسلامه كالمجنون .  
ودليلنا : ما انعقد عليه إجماع الصحابة رضي الله عنهم من تكليف السكران ، بما روي  أن  عمر بن الخطاب   رضي الله عنه شاور الصحابة في حد الخمر ، وقال : أرى الناس قد تهافتوا واستهانوا بحده فماذا ترون ؟  
فقال  علي بن أبي طالب   عليه السلام : أرى أن يحد ثمانين : لأنه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، فيحد حد المفتري .  
فوافقه  عمر   والصحابة رضي الله عنهم على هذا ، وحدوه حد المفتري ثمانين     .      [ ص: 176 ] وجعلوا ما تلفظ به في السكر افتراء يتعلق به حد وتعزير ، وذلك من أحكام التكليف .  
ولو كان غير مكلف لكان كلامه لغوا ، وافتراؤه مطرحا ، وإذا صح تكليفه صح إسلامه وردته .  
ولأن من صح عتقه وطلاقه صحت ردته وإسلامه كالصاحي .  
ولأن الردة والإسلام لفظ يتعلق به الفرقة ، فوجب أن يصح من السكران كالطلاق .  
فأما الجواب عن استدلاله بأنه لا اعتقاد له : فهو أنه يجري في أحكام التكليف مجرى من له اعتقاد وتمييز ، ولذلك وقع طلاقه وظهاره ، ولو عدم التمييز ما وقعا كالمجنون . وهو الجواب عن القياس .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					