[ ص: 184 ] كتاب الحدود
باب حد الزنا والشهادة عليه
مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=924311رجم صلى الله عليه وسلم محصنين يهوديين زنيا ، ورجم
عمر محصنة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=924621وجلد عليه السلام بكرا مائة وغربه عاما . وبذلك أقول " .
قال
الماوردي : وأما
nindex.php?page=treesubj&link=24355الحدود : فهي عقوبات زجر الله بها العباد عن ارتكاب ما حظر ، وحثهم بها على امتثال ما أمر .
nindex.php?page=treesubj&link=24354وفي تسميتها حدودا تأويلان :
أحدهما : لأن الله تعالى حدها وقدرها ، فلا يجوز لأحد أن يتجاوزها فيزيد عليها أو ينقص منها ، وهذا قول
أبي محمد بن قتيبة .
والتأويل الثاني : أنها سميت حدودا : لأنها تمنع من الإقدام على ما يوجبها ، مأخوذا من حد الدار : لأنه يمنع من مشاركة غيرها فيها ، وبه سمي الحديد حديدا : لأنه يمتنع به ، والعرب تسمي البواب والسجان حدادا : لأنه يمنع من الخروج ، قال الشاعر :
كم دون بابك من أقوام أحاذرهم بأم عمرو وحداد وحداد
يريد بالحداد الأول البواب ، وبالحداد الثاني السجان ؛ لما يتعلق بهما من المنع ، والعرب تسمي بائع الخمر حدادا : لأنه يمنع منها إلا بالثمن . وقد كانت الحدود في صدر الإسلام بالغرامات ؟ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=924622من غل صدقته ، فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات الله ، ليس لآل محمد فيها نصيب . وقد كان عليه بعض الشرائع المتقدمة ، قال الله عز وجل في قصة
يوسف :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=74فما جزاؤه إن كنتم كاذبين [ يوسف : 74 ] ، أي ما عقوبة من سرق منكم إن كنتم كاذبين في أنكم لم تسرقوا منا .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=75قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه أي جزاء من سرق أن يسترق .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=75كذلك نجزي الظالمين [ يوسف : 75 ] ، أي : كذلك نفعل بالظالمين إذا سرقوا أن يسترقوا ، فكان هذا من دين يعقوب ، ثم نسخ غرم العقوبات بالحدود . فعندها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إذا قطع السارق فلا غرم فتأولناه على سقوط غرم العقوبة .
[ ص: 185 ]
[ ص: 184 ] كِتَابُ الْحُدُودِ
بَابُ حَدِّ الزِّنَا وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=924311رَجَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْصَنَيْنِ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا ، وَرَجَمَ
عُمَرُ مُحْصَنَةً ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=924621وَجَلَدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِكْرًا مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا . وَبِذَلِكَ أَقُولُ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=24355الْحُدُودُ : فَهِيَ عُقُوبَاتٌ زَجَرَ اللَّهُ بِهَا الْعِبَادَ عَنِ ارْتِكَابِ مَا حَظَرَ ، وَحَثَّهُمْ بِهَا عَلَى امْتِثَالِ مَا أَمَرَ .
nindex.php?page=treesubj&link=24354وَفِي تَسْمِيَتِهَا حُدُودًا تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَدَّهَا وَقَدَّرَهَا ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَجَاوَزَهَا فَيَزِيدَ عَلَيْهَا أَوْ يَنْقُصَ مِنْهَا ، وَهَذَا قَوْلُ
أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ .
وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي : أَنَّهَا سُمِّيَتْ حُدُودًا : لِأَنَّهَا تَمْنَعُ مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَى مَا يُوجِبُهَا ، مَأْخُوذًا مِنْ حَدِّ الدَّارِ : لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ مُشَارَكَةِ غَيْرِهَا فِيهَا ، وَبِهِ سُمِّي الْحَدِيدُ حَدِيدًا : لِأَنَّهُ يُمْتَنَعُ بِهِ ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْبَوَّابَ وَالسَّجَّانَ حَدَّادًا : لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنَ الْخُرُوجِ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
كَمْ دُونَ بَابِكَ مِنْ أَقْوَامٍ أُحَاذِرُهُمْ بِأُمِّ عَمْرٍو وَحَدَّادٍ وَحَدَّادِ
يُرِيدُ بِالْحَدَّادِ الْأَوَّلِ الْبَوَّابَ ، وَبِالْحَدَّادِ الثَّانِي السَّجَّانَ ؛ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنَ الْمَنْعِ ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي بَائِعَ الْخَمْرِ حَدَّادًا : لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهَا إِلَّا بِالثَّمَنِ . وَقَدْ كَانَتِ الْحُدُودُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بِالْغَرَامَاتِ ؟ وَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=924622مَنْ غَلَّ صَدَقَتَهُ ، فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ اللَّهِ ، لَيْسَ لِآلِ مُحَمَّدٍ فِيهَا نَصِيبٌ . وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ بَعْضُ الشَّرَائِعِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ
يُوسُفَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=74فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ [ يُوسُفَ : 74 ] ، أَيْ مَا عُقُوبَةُ مَنْ سَرَقَ مِنْكُمْ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ فِي أَنَّكُمْ لَمْ تَسْرِقُوا مِنَّا .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=75قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ أَيْ جَزَاءُ مَنْ سَرَقَ أَنْ يُسْتَرَقَّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=75كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ [ يُوسُفَ : 75 ] ، أَيْ : كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالظَّالِمِينَ إِذَا سَرَقُوا أَنْ يُسْتَرَقُّوا ، فَكَانَ هَذَا مِنْ دِينِ يَعْقُوبَ ، ثُمَّ نُسِخَ غُرْمُ الْعُقُوبَاتِ بِالْحُدُودِ . فَعِنْدَهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِذَا قُطِعَ السَّارِقُ فَلَا غُرْمَ فَتَأَوَّلْنَاهُ عَلَى سُقُوطِ غُرْمِ الْعُقُوبَةِ .
[ ص: 185 ]