فصل : [ القول في اللواط ]
وأما الفصل الثاني : في
nindex.php?page=treesubj&link=10444_10447اللواط : فهو إتيان الذكر الذكر ، وهو من أغلظ الفواحش تحريما ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=80ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=81بل أنتم قوم مسرفون [ الأعراف : 80 - 81 ] ، فجعله من سرف الفواحش ، ولذلك عذب الله قوم
لوط بالخسف وأمطر عليهم الحيوان البهيم حتى لا يأتي ذكر ذكرا .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924659لعن الله من يعمل عمل قوم لوط ، لعن الله من يعمل عمل قوم لوط .
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
أول من لاط إبليس ، أهبط من الجنة فردا لا زوجة له لاط بنفسه فكانت ذريته منه .
فإذا ثبت أنه من أغلظ الفواحش ، ففيه أغلظ الحدود .
وقال
أبو حنيفة : لا حد فيه ، ولا يفسد به الحج ولا الصوم ، ولا يجب به الغسل إلا أن ينزل فيغتسل ، ويعزران ويحبسان حتى يتوبا : استدلالا بأن ما لم ينطلق عليه اسم الزنا لم يجب فيه حد ، كالاستمتاع بما دون الفرج : لأنه استمتاع لا يستباح بعقد ، فلم يجب فيه حد الاستمتاع وبمثله من الزوجة ، ولأن أصول الحدود لا تثبت قياسا .
ودليلنا : رواية
عكرمة ، عن
ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924661من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به .
[ ص: 223 ] وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
إتيان الرجل الرجل زنا .
وروى
أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924663الذي يعمل عمل قوم لوط ارجموا الأعلى والأسفل .
وروى
صفوان بن سليم ، عن
خالد بن الوليد ، أنه وجد في بعض ضواحي العرب رجلا ينكح كما تنكح المرأة ، فكتب إلى
أبي بكر ، فاستشار
أبو بكر الصحابة فيه ، فكان
علي أشدهم قولا فيه ، فقال : ما فعل هذا إلا أمة من الأمم ، وقد علمتم ما فعل الله بها ، أرى أن يحرق بالنار . فكتب
أبو بكر بذلك إليه فحرقه . وأخذ به
ابن الزبير فكان يحرق اللواطي في خلافته .
وروي أن
عليا حرق لوطيا ورجم لوطيا .
وقال
ابن عباس : يلقى من شاهق منكسا ، ثم يرجم بالحجارة ، وهذا قول من ذكرنا من الصحابة ، وليس لهم فيه مخالف ، فكان إجماعا بعد نص . ولأنه فرج مقصود بالاستمتاع ، فوجب أن يتعلق به وجوب الحد قياسا على قبل المرأة . ولأنه أغلظ من الزنا إذ لا سبيل إلى استباحته فوجب أن لا يسقط فيه حد الزنا كالزنا .
وقولهم : إنه لا ينطلق عليه اسم الزنا . فقد أطلق الله عليه اسم الفاحشة التي جعلها زنا .
وأما استباحته من الزوجة فلأن صحة العقد عليها بشبهة . وأما إيجاب الحدود بالقياس فغير ممتنع . وعلى أن في حد اللواط نصا ، فإذا ثبت وجوب
nindex.php?page=treesubj&link=10455الحد فيه فهو معتبر فيهما بتغييب الحشفة . وفيه إذا كانا بالغين قولان :
أحدهما : - نص عليه في اختلاف
علي ،
وعبد الله - أن حده القتل في المحصن والبكر . وبه قال
عبد الله بن عباس وخالد بن الوليد : ولأنه أغلظ من الزنا ، فكان حده أغلظ من حد الزنا . فعلى هذا : في قتله قولان :
أحدهما : وهو قول البغداديين : أنه يقتل رجما بالأحجار كالزنا : لأنه المشروع فيه .
والثاني : وهو قول البصريين : أنه يقتل بالسيف صبرا كالردة تعلقا بظاهر الخبر .
[ ص: 224 ] والقول الثاني : نقله
الربيع ، وقال : رجع
الشافعي إليه عن الأول : أنه كحد الزنا يرجم فيه المحصن ، ويجلد البكر مائة ويغرب عاما .
وبه قال
الزهري ،
والثوري ،
وأبو يوسف ،
ومحمد : لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924664البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ولأنه لما وجب الفرق بين البكر والثيب فيما انعقد الإجماع على وجوب الحد فيه ، كان أولى أن يقع الفرق بينهما فيما اختلف في وجوب الحد فيه . ويستوي فيه الفاعل والمفعول به ، فإن كان أحدهما غير بالغ عزر ولم يحد .
فَصْلٌ : [ الْقَوْلُ فِي اللِّوَاطِ ]
وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10444_10447اللِّوَاطِ : فَهُوَ إِتْيَانُ الذَّكَرِ الذَّكَرَ ، وَهُوَ مِنْ أَغْلَظِ الْفَوَاحِشِ تَحْرِيمًا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=80وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=81بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ [ الْأَعْرَافِ : 80 - 81 ] ، فَجَعَلَهُ مِنْ سَرَفِ الْفَوَاحِشِ ، وَلِذَلِكَ عَذَّبَ اللَّهُ قَوْمَ
لُوطٍ بِالْخَسْفِ وَأَمْطَرَ عَلَيْهِمُ الْحَيَوَانَ الْبَهِيمَ حَتَّى لَا يَأْتِيَ ذَكَرٌ ذَكَرًا .
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924659لَعَنَ اللَّهُ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ .
وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
أَوَّلُ مَنْ لَاطَ إِبْلِيسُ ، أُهْبِطَ مِنَ الْجَنَةِ فَرْدًا لَا زَوْجَةَ لَهُ لَاطَ بِنَفْسِهِ فَكَانَتْ ذُرِّيَتُهُ مِنْهُ .
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ أَغْلَظِ الْفَوَاحِشِ ، فَفِيهِ أَغْلَظُ الْحُدُودِ .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : لَا حَدَّ فِيهِ ، وَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْحَجُّ وَلَا الصَّوْمُ ، وَلَا يَجِبُ بِهِ الْغُسْلُ إِلَّا أَنْ يُنْزِلَ فَيَغْتَسِلُ ، وَيُعَزَّرَانِ وَيُحْبَسَانِ حَتَّى يَتُوبَا : اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ مَا لَمْ يَنْطَلِقْ عَلَيْهِ اسْمُ الزِّنَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ حَدٌّ ، كَالِاسْتِمْتَاعِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ : لِأَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ لَا يُسْتَبَاحُ بِعَقْدٍ ، فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ حَدُّ الِاسْتِمْتَاعِ وَبِمِثْلِهِ مِنَ الزَّوْجَةِ ، وَلِأَنَّ أُصُولَ الْحُدُودِ لَا تَثْبُتُ قِيَاسًا .
وَدَلِيلُنَا : رِوَايَةُ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924661مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ .
[ ص: 223 ] وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
إِتْيَانُ الرَّجُلِ الرَّجُلَ زِنًا .
وَرَوَى
أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924663الَّذِي يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ارْجُمُوا الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ .
وَرَوَى
صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ ، عَنْ
خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ ، أَنَّهُ وَجَدَ فِي بَعْضِ ضَوَاحِي الْعَرَبِ رَجُلًا يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةِ ، فَكَتَبَ إِلَى
أَبِي بَكْرٍ ، فَاسْتَشَارَ
أَبُو بَكْرٍ الصَّحَابَةَ فِيهِ ، فَكَانَ
عَلِيٌّ أَشَدَّهُمْ قَوْلًا فِيهِ ، فَقَالَ : مَا فَعَلَ هَذَا إِلَّا أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِهَا ، أَرَى أَنْ يُحَرَقَ بِالنَّارِ . فَكَتَبَ
أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ إِلَيْهِ فَحَرَقَهُ . وَأَخَذَ بِهِ
ابْنُ الزُّبَيْرِ فَكَانَ يَحْرِقُ اللِّوَاطِيُّ فِي خِلَافَتِهِ .
وَرُوِيَ أَنَّ
عَلِيًّا حَرَقَ لُوطِيًّا وَرَجَمَ لُوطِيًّا .
وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : يُلْقَى مِنْ شَاهِقٍ مُنَكَّسًا ، ثُمَّ يُرْجَمَ بِالْحِجَارَةِ ، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ ، وَلَيْسَ لَهُمْ فِيهِ مُخَالِفٌ ، فَكَانَ إِجْمَاعًا بَعْدَ نَصٍّ . وَلِأَنَّهُ فَرْجٌ مَقْصُودٌ بِالِاسْتِمْتَاعِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ الْحَدِّ قِيَاسًا عَلَى قُبُلِ الْمَرْأَةِ . وَلِأَنَّهُ أَغْلَظُ مِنَ الزِّنَا إِذْ لَا سَبِيلَ إِلَى اسْتِبَاحَتِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَسْقُطَ فِيهِ حَدُّ الزِّنَا كَالزِّنَا .
وَقَوْلُهُمْ : إِنَّهُ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الزِّنَا . فَقَدْ أَطْلَقَ اللَّهُ عَلَيْهِ اسْمُ الْفَاحِشَةِ الَّتِي جَعَلَهَا زِنًا .
وَأَمَّا اسْتِبَاحَتُهُ مِنَ الزَّوْجَةِ فَلِأَنَّ صِحَّةَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا بِشُبْهَةٍ . وَأَمَّا إِيجَابُ الْحُدُودِ بِالْقِيَاسِ فَغَيْرُ مُمْتَنِعٍ . وَعَلَى أَنَّ فِي حَدِّ اللِّوَاطِ نَصًّا ، فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ
nindex.php?page=treesubj&link=10455الْحَدِّ فِيهِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِيهِمَا بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ . وَفِيهِ إِذَا كَانَا بَالِغَيْنِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : - نُصَّ عَلَيْهِ فِي اخْتِلَافِ
عَلِيٍّ ،
وَعَبْدِ اللَّهِ - أَنَّ حَدَّهُ الْقَتْلَ فِي الْمُحْصَنِ وَالْبِكْرِ . وَبِهِ قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدَ : وَلِأَنَّهُ أَغْلَظُ مِنَ الزِّنَا ، فَكَانَ حَدُّهُ أَغْلَظَ مِنْ حَدِّ الزِّنَا . فَعَلَى هَذَا : فِي قَتْلِهِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : وَهُوَ قَوْلُ الْبَغْدَادِيِّينَ : أَنَّهُ يُقْتَلُ رَجْمًا بِالْأَحْجَارِ كَالزِّنَا : لِأَنَّهُ الْمَشْرُوعُ فِيهِ .
وَالثَّانِي : وَهُوَ قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ : أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ صَبْرًا كَالرِّدَّةِ تَعَلُّقًا بِظَاهِرِ الْخَبَرِ .
[ ص: 224 ] وَالْقَوْلُ الثَّانِي : نَقَلَهُ
الرَّبِيعُ ، وَقَالَ : رَجَعَ
الشَّافِعِيُّ إِلَيْهِ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّهُ كَحَدِّ الزِّنَا يُرْجَمُ فِيهِ الْمُحْصَنُ ، وَيُجْلَدُ الْبِكْرُ مِائَةً وَيُغَرَّبُ عَامًا .
وَبِهِ قَالَ
الزُّهْرِيُّ ،
وَالثَّوْرِيُّ ،
وَأَبُو يُوسُفَ ،
وَمُحَمَّدٌ : لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924664الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبِ عَامٍ ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ وَلِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ فِيمَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِيهِ ، كَانَ أَوْلَى أَنْ يَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِيمَا اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ فِيهِ . وَيَسْتَوِي فِيهِ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرُ بَالِغٍ عُزِّرَ وَلَمْ يُحَدَّ .