الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            وأما الشروط المعتبرة في القاذف فثلاثة شروط : البلوغ ، والعقل ، والحرية ، فإذا استكملها القاذف حد حدا كاملا إذا كان المقذوف كاملا . فإن أخل بالبلوغ والعقل فلا حد عليه بالقذف : لارتفاع القلم عنه ، ولأنه لا يحد بالزنا ، فكان أولى أن لا يحد للقذف بالزنا . وإن كان القاذف عبدا حد بالقذف أربعين نصف حد الحر .

                                                                                                                                            وقال داود : يحد ثمانين حدا كاملا كالحر ، وهو قول عمر بن عبد العزيز ، والزهري تعلقا بظاهر قوله تعالى : فاجلدوهم ثمانين جلدة [ النور : 4 ] ، وهذا غير صحيح : لأن فعل الزنا أغلظ من القذف به ، وهو لا يساوي الحر في حد الزنا ، فكان أولى أن لا يساويه في حد القذف بالزنا .

                                                                                                                                            روي عن عامر بن عبد الله بن ربيعة أنه قال : أدركت أبا بكر وعمر ومن بعدهما من الخلفاء فلم أرهم يضربون المملوك في القذف إلا أربعين فكان إجماعا .

                                                                                                                                            فأما الآية فواردة في الأحرار : لأنه منع فيها من قبول شهادتهم لقذفهم ، والعبد لا تسمع شهادته قاذفا أو غير قاذف ، فإن كان القاذف كافرا حد حدا كاملا : لأنه ينقص عن المسلم في الحق الذي له ، ولا ينقص عنه في الحق الذي عليه . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية