فصل : [
nindex.php?page=treesubj&link=10172_10180شروط القطع في السرقة ] .
فإذا ثبت ما ذكرناه من قطع السارق فوجوبه معتبر بشرطين : الحرز ، والقدر . فأما الحرز فيأتي . وأما القدر : فقد اختلف في اعتباره ، فذهب
داود وأهل الظاهر وأبو عبد الرحمن الشافعي والخوارج إلى أنه غير معتبر ، وأنه يقطع في القليل والكثير .
وبه قال من الصحابة
عبد الله بن الزبير .
ومن التابعين
سعيد بن المسيب والزهري : لعموم قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما [ المائدة : 38 ] .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924682لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده ، ويسرق البيضة فتقطع يده .
وذهب جمهور الفقهاء إلى
nindex.php?page=treesubj&link=10182_10180اعتبار القدر في وجوب القطع ، واختلفوا فيه على مذاهب شتى ، فذهب
الشافعي إلى أنه مقدر بربع دينار فصاعدا يقطع فيه ، ولا يقطع فيما نقص منه . فإن كان المسروق دراهم أو متاعا قوم بالذهب . وقال
عثمان البتي : يقطع في درهم واحد فصاعدا : لأنه أول معدود منها .
[ ص: 270 ] وقال
زياد بن أبي زياد : يقطع في درهمين فصاعدا : لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
من استحل بدرهمين فقد استحل .
وقال
مالك : يقطع في ثلاثة دراهم فصاعدا : لروايته عن
نافع ، عن
ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=924687قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم .
وقال
أبو هريرة وأبو سعيد الخدري : يقطع في أربعة دراهم فصاعدا . ولعلهما قوما المجن بأربعة دراهم . وروى
عروة بن الزبير أن ثمن المجن أربعة دراهم .
وقال
إبراهيم النخعي : يقطع في خمسة دراهم فصاعدا : لرواية
قتادة ، عن
أنس ، أن رجلا سرق مجنا على عهد
أبي بكر رضي الله عنه فقوم خمسة دراهم فقطعه . ولرواية
سعيد بن المسيب ، عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : " لا تقطع الخمس إلا في خمس " .
وقال
أبو حنيفة ، وأصحابه : تقطع في عشرة دراهم فصاعدا ، وإن سرق من غيرها قوم بها ، فصار مخالفا
للشافعي من وجهين :
أحدهما : في القدر .
والثاني : في جنس ما يقع به التقويم ، استدلالا برواية
زفر بن الهذيل ، عن
الحجاج بن أرطأة ، عن
عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924688لا قطع إلا في عشرة دراهم .
[ ص: 271 ] وروى
مجاهد ،
وعطاء ، عن
أيمن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924689أدنى ما يقطع فيه السارق ثمن مجن ، وكان يقوم دينارا . ومن القياس : أنه مال يستباح به عضو ، فوجب أن لا يتقدر بربع دينار كالمهر ، ولأنه حق يتعلق بمال فوجب أن لا يتعلق بربع دينار كالزكاة .
ودليلنا : عموم قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما [ المائدة : 38 ] ، إلا ما خصه الدليل والإجماع .
وروى
الشافعي ، عن
سفيان ، عن
الزهري ، عن
عمرة ، عن
عائشة رضي الله عنها ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924545القطع في ربع دينار فصاعدا وهذا أوكد : لأنها إضافة إلى سماعها منه .
وروى
الشعبي ، عن
ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=924690أنه قطع في مجن قيمته خمسة دراهم .
وروى
ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=924691قطع سارقا سرق من صفة النساء ترسا ، قيمته ثلاثة دراهم .
والترس : المجن .
ومن القياس : - وإن كان ضعيفا في المسألة - أن يدل على أن من
nindex.php?page=treesubj&link=10180سرق خمسة دراهم قيمتها ربع دينار قطع فيها ، فنقول : إنها فريضة تجب في نصاب الزكاة فجاز أن
[ ص: 272 ] تقطع بسرقتها كالشاة والبعير .
فأما الجواب عن الخبر الأول : فراويه الحجاج بن أرطاة وهو مطعون عليه وفي حديثه ، قيل : إنه كان لا يحضر الجمعة . يقول : يزاحمني فيها الطوافون والنقالون . وكان يقول : لا ينسل الإنسان إلا بترك الجماعة . ومثل هذا لا يقبل حديثه .
وأما
عمرو بن شعيب : فقد تكلم الناس فيه ، ولو صح كانت أخبارها أصح . ويمكن أن يتأول على عشرة دراهم قيمتها ربع دينار : لأن النقود كانت مختلفة وأوزانها مختلفة .
وأما حديث
أيمن فهما اثنان : أحدهما : هو
أيمن ابن أم أيمن صحابي قتل يوم حنين ولم يلقه
مجاهد .
والثاني : هو
أيمن الحبشي مولى لبني الزبير ، تابعي وليس له صحبة ، وقد لقيه
مجاهد ، فكان الحديث في الحالين مرسلا . ولو صح ، لكان جوابه ما ذكرنا .
وأما الجواب عن قياسهم على المهر فمن ثلاثة أوجه :
أحدها : أن وصفه غير مسلم في الأصل والفرع : لأن العضو في السرقة يستباح بإخراج المال من الحرز ، وفي النكاح يستباح بالعقد .
والثاني : أن النكاح يستباح فيه منفعة الجسد كله ، ولا يختص بالبضع وحده ، والقطع في السرقة يستباح به نقص الأعضاء ، فافترقا في الحكم والمعنى .
والثالث : أن معنى المهر عوض في عقد ، فلم يتقدر إلا برضى المتعاقدين ، وخالف قطع السرقة لتقدر المسروق به شرعا ، وعلى أن أبا حنيفة لا يأخذ المقادير قياسا .
وأما الجواب عن قياسهم على الزكاة : فهو أن نقول : أن لا تتقدر بعشرة دراهم كالزكاة .
فأما استدلال
داود : فمخصوص بما ذكرنا .
[ ص: 273 ] وأما قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924692يسرق البيضة فتقطع يده ، ويسرق الحبل فتقطع يده ، فعنه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنه على وجه المبالغة .
والثاني : أنه محمول على بيضة الحرب وحبل المتاع .
والثالث : أن يبقى من نصاب القطع ثمن البيضة والحبل فيقطع بسرقته ، وإن كان مذهبه مدفوعا برواية
عائشة رضي الله عنها أنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924693ما كانت اليد تقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشيء التافه .
فَصْلٌ : [
nindex.php?page=treesubj&link=10172_10180شُرُوطُ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ ] .
فَإِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَطْعِ السَّارِقِ فَوُجُوبُهُ مُعْتَبَرٌ بِشَرْطَيْنِ : الْحِرْزُ ، وَالْقَدْرُ . فَأَمَّا الْحِرْزُ فَيَأْتِي . وَأَمَّا الْقَدْرُ : فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اعْتِبَارِهِ ، فَذَهَبَ
دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيُّ وَالْخَوَارِجُ إِلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ، وَأَنَّهُ يُقْطَعُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ .
وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ .
وَمِنَ التَّابِعِينَ
سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيُّ : لِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [ الْمَائِدَةِ : 38 ] .
وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924682لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ ، وَيَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ .
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=10182_10180اعْتِبَارِ الْقَدْرِ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى مَذَاهِبَ شَتَّى ، فَذَهَبَ
الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِرُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا يُقْطَعُ فِيهِ ، وَلَا يُقْطَعُ فِيمَا نَقَصَ مِنْهُ . فَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ دَرَاهِمَ أَوْ مَتَاعًا قُوِّمَ بِالذَّهَبِ . وَقَالَ
عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ : يُقْطَعُ فِي دِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَصَاعِدًا : لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَعْدُودٍ مِنْهَا .
[ ص: 270 ] وَقَالَ
زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ : يُقْطَعُ فِي دِرْهَمَيْنِ فَصَاعِدًا : لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
مَنِ اسْتَحَلَّ بِدِرْهَمَيْنِ فَقَدِ اسْتَحَلَّ .
وَقَالَ
مَالِكٌ : يُقْطَعُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا : لِرِوَايَتِهِ عَنْ
نَافِعٍ ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=924687قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ .
وَقَالَ
أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ : يُقْطَعُ فِي أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا . وَلَعَلَّهُمَا قَوَّمَا الْمِجَنَّ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ . وَرَوَى
عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ ثَمَنَ الْمِجَنِّ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ .
وَقَالَ
إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ : يُقْطَعُ فِي خَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا : لِرِوَايَةِ
قَتَادَةَ ، عَنْ
أَنَسٍ ، أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ مِجَنًّا عَلَى عَهْدِ
أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُوِّمَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَقَطَعَهُ . وَلِرِوَايَةِ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : " لَا تُقْطَعُ الْخَمْسُ إِلَّا فِي خَمْسٍ " .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُ : تُقْطَعُ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِهَا قُوِّمَ بِهَا ، فَصَارَ مُخَالِفًا
لِلشَّافِعِيِّ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : فِي الْقَدْرِ .
وَالثَّانِي : فِي جِنْسِ مَا يَقَعُ بِهِ التَّقْوِيمُ ، اسْتِدْلَالًا بِرِوَايَةِ
زُفَرَ بْنِ الْهُذَيْلِ ، عَنِ
الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924688لَا قَطْعَ إِلَّا فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ .
[ ص: 271 ] وَرَوَى
مُجَاهِدٌ ،
وَعَطَاءٌ ، عَنْ
أَيْمَنَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924689أَدْنَى مَا يُقْطَعُ فِيهِ السَّارِقُ ثَمَنُ مِجَنٍّ ، وَكَانَ يُقَوَّمُ دِينَارًا . وَمِنَ الْقِيَاسِ : أَنَّهُ مَالٌ يُسْتَبَاحُ بِهِ عُضْوٌ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَقَدَّرَ بِرُبُعِ دِينَارٍ كَالْمَهْرِ ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِمَالٍ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِرُبُعِ دِينَارٍ كَالزَّكَاةِ .
وَدَلِيلُنَا : عُمُومُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [ الْمَائِدَةِ : 38 ] ، إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ وَالْإِجْمَاعُ .
وَرَوَى
الشَّافِعِيُّ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
عَمْرَةَ ، عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924545الْقِطَعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَهَذَا أَوْكَدُ : لِأَنَّهَا إِضَافَةٌ إِلَى سَمَاعِهَا مِنْهُ .
وَرَوَى
الشَّعْبِيُّ ، عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=924690أَنَّهُ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ .
وَرَوَى
ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=924691قَطَعَ سَارِقًا سَرَقَ مِنْ صِفَةِ النِّسَاءِ تُرْسًا ، قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ .
وَالتُّرْسُ : الْمِجَنُّ .
وَمِنَ الْقِيَاسِ : - وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فِي الْمَسْأَلَةِ - أَنْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10180سَرَقَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ قِيمَتُهَا رُبُعُ دِينَارٍ قُطِعَ فِيهَا ، فَنَقُولُ : إِنَّهَا فَرِيضَةٌ تَجِبُ فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ فَجَازَ أَنْ
[ ص: 272 ] تُقْطَعَ بِسَرِقَتِهَا كَالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ .
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ : فَرَاوِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مَطْعُونٌ عَلَيْهِ وَفِي حَدِيثِهِ ، قِيلَ : إِنَّهُ كَانَ لَا يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ . يَقُولُ : يُزَاحِمُنِي فِيهَا الطَّوَّافُونَ وَالنَّقَّالُونَ . وَكَانَ يَقُولُ : لَا يَنْسَلُّ الْإِنْسَانُ إِلَّا بِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ . وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقْبَلُ حَدِيثُهُ .
وَأَمَّا
عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ : فَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ ، وَلَوْ صَحَّ كَانَتْ أَخْبَارُهَا أَصَحَّ . وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَأَوَّلَ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ قِيمَتُهَا رُبُعُ دِينَارٍ : لِأَنَّ النُّقُودَ كَانَتْ مُخْتَلَفَةً وَأَوْزَانُهَا مُخْتَلَفَةً .
وَأَمَّا حَدِيثُ
أَيْمَنَ فَهُمَا اثْنَانِ : أَحَدُهُمَا : هُوَ
أَيْمَنُ ابْنُ أُمِّ أَيْمَنَ صَحَابِيٌّ قُتِلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَلَمْ يَلْقَهُ
مُجَاهِدٌ .
وَالثَّانِي : هُوَ
أَيْمَنُ الْحَبَشِيُّ مَوْلًى لِبَنِي الزُّبَيْرِ ، تَابِعِيٌّ وَلَيْسَ لَهُ صُحْبَةٌ ، وَقَدْ لَقِيَهُ
مُجَاهِدٌ ، فَكَانَ الْحَدِيثُ فِي الْحَالَيْنِ مُرْسَلًا . وَلَوْ صَحَّ ، لَكَانَ جَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَا .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْمَهْرِ فَمِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ :
أَحَدُهَا : أَنْ وَصْفَهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ : لِأَنَّ الْعُضْوَ فِي السَّرِقَةِ يُسْتَبَاحُ بِإِخْرَاجِ الْمَالِ مِنَ الْحِرْزِ ، وَفِي النِّكَاحِ يُسْتَبَاحُ بِالْعَقْدِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ النِّكَاحَ يُسْتَبَاحُ فِيهِ مَنْفَعَةُ الْجَسَدِ كُلِّهِ ، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْبُضْعِ وَحْدَهُ ، وَالْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ يُسْتَبَاحُ بِهِ نَقْصُ الْأَعْضَاءِ ، فَافْتَرَقَا فِي الْحُكْمِ وَالْمَعْنَى .
وَالثَّالِثُ : أَنَّ مَعْنَى الْمَهْرِ عِوَضٌ فِي عَقْدٍ ، فَلَمْ يَتَقَدَّرْ إِلَّا بِرِضَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ ، وَخَالَفَ قَطْعَ السَّرِقَةِ لِتَقَدُّرِ الْمَسْرُوقِ بِهِ شَرْعًا ، وَعَلَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَأْخُذُ الْمَقَادِيرَ قِيَاسًا .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الزَّكَاةِ : فَهُوَ أَنْ نَقُولَ : أَنْ لَا تَتَقَدَّرَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ كَالزَّكَاةِ .
فَأَمَّا اسْتِدْلَالُ
دَاوُدَ : فَمَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَا .
[ ص: 273 ] وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924692يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ ، فَعَنْهُ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالِغَةِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى بَيْضَةِ الْحَرْبِ وَحَبْلِ الْمَتَاعِ .
وَالثَّالِثُ : أَنْ يَبْقَى مِنْ نِصَابِ الْقَطْعِ ثَمَنُ الْبَيْضَةِ وَالْحَبْلِ فَيُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ ، وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُ مَدْفُوعًا بِرِوَايَةِ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924693مَا كَانَتِ الْيَدُ تُقْطَعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ .