الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            وإذا جعلناه حرزا لها صار حرزا لما عليها من الحمولة ، فإن سرق واحد منها وحل من قطاره قطع سارقه إذا بعد بالجمل عن بصر جماله وموضع زجره ، ويكون حكمه قبل بعده عن نظره وزجره كبقائه في حرزه . فإذا تجاوز ذلك ، صار كالخارج من حرزه ، فيجب حينئذ قطعه . ولو أنه ترك الجمل في قطاره وسرق من حمولته والمتاع الذي على ظهره قطع بتناول المتاع وحله عن شداده ووعائه ، سواء بعد المتاع عن بصر الجمال أو لم يبعد . بخلاف البعير : لأن تحرز البعير رؤية الجمال ، وحرز المتاع شداده في وعائه ، وسواء أخذ جميع الوعاء أو أخذ مما في الوعاء .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : إن أخذ جميع الوعاء لم يقطع ، وإن أخذ مما في الوعاء قطع : احتجاجا بأنه يصير بأخذ ما فيه هاتكا للحرز ، وبأخذ جميعه غير هاتك للحرز . وهذا خطأ : لأن الوعاء محرز بشداده على الجملة ، كما أن ما في الوعاء محرزا بالوعاء ، ثم ثبت أنه يقطع بما في الوعاء فكان أولى أن يقطع بجميع الوعاء ، وفيه انفصال ، ولكن لو حل الجمل من قطاره وسرقه وما عليه ، وصاحبه راكبه لم يقطع سارقه : لبقائه مع حرزه فصار سارقا للحرز والمحرز : فلذلك سقط القطع لبقاء يد الحافظ عليه ، فإن دفعه عنه بعد بعده عن الأبصار صار كالغاصب ولا قطع على غاصب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية