الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ومن وجب عليه القطع دون القتل قطعت يده اليمنى ثم حسمت بالنار ، ثم رجله اليسرى ثم حسمت في مكان واحد ، ثم خلي " . قال الماوردي : قد ذكرنا في أحكام الأقسام حكم القطع في أخذ المال وحده ، وأنه يجمع بين قطع يده اليمنى ورجله اليسرى : لقول الله تعالى : أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف [ المائدة : 33 ] فإن قطع متولي الأمر يمنى يديه ويمنى رجليه تعدى ، ولزمه القود في يمنى رجليه إن عمد ، وديتها إن أخطأ ، ولم يسقط بذلك قطع [ ص: 363 ] رجله اليسرى ، ولو قطع يده اليسرى ورجله اليمنى أساء ، ولم يضمن ، ووقع ذلك موقع الإجزاء . والفرق بينهما : أن قطعهما من خلاف نص يوجب مخالفة الضمان ، وتقديم اليمنى على اليسرى في الحرابة اجتهاد ، فسقط لمخالفة الضمان . وإذا قطع حسم بالزيت المغلي أو بالنار بحسب العرف فيهما ، فإن أحب المقطوع أن يترك حسمه بالنار أو بالزيت ، ففيه وجهان : أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ، يجاب إلى ذلك ولا يحسم : لأنه علاج لا يجبر عليه ، كالدواء . والثاني : لا يجاب إليه ويحسم جبرا : حراسة لنفسه ، وأن فعله غير موقوف على إذنه : لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم به . ولا يشهر بعد قطعه : لأنه زيادة نكال بعد استيفاء الحد ، إلا أن يرى الإمام أن قطعه لم يشتهر في أهل الفساد فلا بأس أن يشهر قدر ما يشتهر فيهم حاله . ويخليه ليتصرف لنفسه أين شاء . فأما المقطوع من أطرافه فيدفن ولا يستبقى ، إلا أن يرى الإمام إشهار أطرافه ليرتدع بها الناس ، فلا بأس به . فإن التمس المقطوع أطراف نفسه كان أحق بها : ليتولى دفنها . فإن أراد استبقاءها لتدفن معه إذا مات منع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية