الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : وإذا كان الدجاج أو الشيء من الطيور في يد رجل فأقام رجل البينة أنه له فرخ في ملكه ، وأقام ذو اليد البينة على مثل ذلك قضي به لذي اليد ; لأن هذا في معنى النتاج لا يتكرر ، ولو أقام المدعي البينة أن البيضة التي خرجت هذه الدجاجة منها كانت له لم يقض له بالدجاجة ، ولكن يقضى على صاحب الدجاجة ببيضة مثلها لصاحبها ; لأن ملك البيضة ليس بسبب لملك الدجاجة فإن من غصب بيضة وحضنها ذلك تحت دجاجة كان الفرخ للغاصب وعليه بيضة مثل المغصوبة ، وهذا لا يشبه الولادة ، والنتاج ; لأن من غصب أمة أو دابة فولدت عنده لا يملك الولد بل هو لصاحب [ ص: 75 ] الأصل ، وهذا ; لأن البيضة بالحضانة تصير مستهلكة فيحال بحدوث الفرخ على عمل الحضانة بخلاف الدابة ، والأمة فإنها لا تصير مستهلكة بالولادة فيكون مملوكا لصاحب الأصل لتولده من ملكه .

قال : ولو غصب دجاجة فباضت عنده فالبيضة لصاحبها لتولدها من ملكه فإن باضت بيضتين فحضنت الدجاجة نفسها على أحدهما فخرج منها فرخ وحضنها الغاصب على الأخرى فخرج منها فرخ فالفرخ الأول للمغصوب منه مع الدجاجة والفرخ الآخر للغاصب ; لأن ما حصل بفعله يصير مملوكا له وما حصل بفعل الدجاجة نفسها لا صنع للغاصب فيه فلا يملكه بل يكون لمالك الأصل كما قلنا فيمن غصب حنطة وزرعها كان الزرع له ، ولو هبت الريح بالحنطة فجعلتها مزروعة في الأرض كان الزرع لصاحب الحنطة ; لأن بناء الحكم على فعل الريح غير ممكن فيجعل مملوكا لصاحب الأصل ; ولأن ما حضنها الغاصب صار مستهلكا بفعله فيكون ضامنا لمثله ويصير مملوكا له بالضمان فإنما يتولد الفرخ من ملكه فأما ما حضنت الدجاجة بنفسها لم تصر مضمونة على الغاصب فلا يملكها فبقي ذلك الفرخ لصاحب الأصل

التالي السابق


الخدمات العلمية