الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : رجل إذا ادعى ولد جارية مكاتب له لم يصدق إلا بتصديق المكاتب ; لأنه بعقد الكتابة جعل نفسه في التصرف في كسبه بمنزلة الأجنبي ، والدعوة من باب التصرف فإن صدقه المكاتب ثبت النسب ، وكان حرا بالقيمة استحسانا ، وفي القياس هو عبد للمكاتب ; لأن المولى في هذه الدعوة كالأجنبي .

لأنه لو اشترى ابن مولاه وهو معروف لم يمتنع عليه بيعه فكذلك إذا ادعى نسب ولد جاريته ، ولكنه استحسن فقال المولى بمنزلة المغرور ; لأن له في كسب مكاتبه حق الملك ، وحق الملك من وجه بمنزلة حقيقة الملك فكانت بمنزلة الثابت للمغرور في الجارية المستحقة ، ولا ولد هناك يكون حرا بالقيمة نظرا من الجانبين فهذا مثله قال : ولو ادعى الحر ، ولد مكاتبته ، وكذبته فهو ابنه ; لأن رقبة المكاتب مملوكة لمولاها فكذلك ولدها يكون مملوكا له ودعوته في ملك نفسه دعوة صحيحة بخلاف ولد أمة المكاتب فإن المولى غير مالك للأمة ، ولا لولدها .

( ألا ترى ) أن عتقه هناك لا ينفذ فيها ، ولا في ولدها ، وهنا ينفذ عتقه فيها وفي ولدها ; ولأن الأمة مع ولدها موقوفة على أن يتم الملك فيهما للمكاتب بالعتق فلا ينفرد المولى بإبطال ذلك على المكاتب [ ص: 123 ] بالدعوة فأما ، ولد المكاتبة ليس بموقوف على أن يتم الملك فيه للمكاتبة وليس في تصحيح دعوته إبطال حق المكاتب بل فيه تحصيل بعض مقصودها فلهذا ثبت النسب وعتق الولد ، ولا ضمان على المولى في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية