الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. قال : ولو ادعت أمة أن ولدها من مولاها ، وأنه أقر بذلك ، وأرادت يمينه فلا يمين على المولى في ذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله وعندهما عليه اليمين ، وهذه من المسائل المعدودة فإن أبا حنيفة رحمه الله لا يرى الاستحلاف في النكاح والنسب ، والرجعة والفيء في الإيلاء والرق ، والولاء ; لأن النكول عنده بمنزلة البدل فما لا يعمل فيه البدل لا يجري فيه الاستحلاف وعندهما النكول بمنزلة الإقرار ، ولكن فيه ضرب شبهة فكل ما يثبت بالشبهات يجري فيه الاستحلاف والقضاء بالنكول وهي مسألة كتاب النكاح وهنا دعواه على المولى دعوى النسب فلهذا قال أبو حنيفة : لا يستحلف .

وكذلك لو ادعت أنها أسقطت من المولى سقطا مستبين الخلق ; لأن حق أمية الولد لها تبع لنسب الولد فكما لا يستحلف المولى عند دعوى النسب فكذلك في دعوى أمية الولد عنده وعندهما يستحلف في ذلك كله ; لأنه مما يثبت مع الشبهات ، ولو أقر المولى بذلك لزمه فيستحلف فيه إذا أنكر [ ص: 173 ]

وكذلك لو جاءت الزوجة بصبي فادعت أنها ولدته ، وأنكر الزوج ففي استحلافه خلاف كما بينا ، وكذلك لو أن المولى أو الزوج جاء بصبي وادعى أنها ، ولدته منه ، وأراد استحلافها فلا يمين عليها عنده ، وكذلك لو كان الابن هو الذي ادعى النسب على الأب أو الأب على الابن وطلب يمين المنكر فلا يمين في الوجهين إلا أن يدعي بذلك ميراثا قبل صاحبه فحينئذ يستحلف على الميراث دون النسب ; لأن المال مما يعمل فيه البدل فيجوز القضاء فيه بالنكول بخلاف النسب ، وإذا استحلفه فنكل قضي بالمال دون النسب ; لأن أحد الحكمين ينفصل عن الآخر وعند النكول إنما يقضى بما جرى فيه الاستحلاف .

( ألا ترى ) أنه لو ادعى سرقة مال على رجل فاستحلف فنكل يقتضى بالمال دون القطع فهذا مثله ، وكذلك لو ادعى ميراثا بالولاء فهو ودعواه الميراث بالنسب سواء فيما ذكرناه

التالي السابق


الخدمات العلمية