الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. قال : وإذا تزوج المجوسي أمه أو ابنته أو أخته فولدت له ولدا فهو ابنه ادعاه أو نفاه ; لأن هذه الأنكحة فيما بينهم لها حكم الصحة عند أبي حنيفة رحمه الله ; ولهذا لا يسقط به الإحصان عنده وعندهما هو فاسد ، والنكاح الفاسد والصحيح يثبت النسب بهما [ ص: 134 ] ثم لا ينتفي إلا باللعان ، ولا لعان بينهما ; لأن الكافرة غير محصنة . وكذلك العبد يتزوج الأمة أو المسلم يتزوج المجوسية فإن النسب يثبت لهذا النكاح مع فساده ; لأن مجرد الشبهة يكفي لإثبات النسب ، ثم لا ينتفي إلا باللعان ، ولا لعان بينهما هنا .

قال : وإذا أسلم الزوجان الكافران ، وأعتق المملوكة ، ثم جاءت بولد فنفاه الزوج يلاعنها ; لأنه قذفها وهي محصنة وهما من أهل الشهادة في الحال فيجري اللعان بينهما فإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ عتقا أو أسلما لزم الولد أباه ; لأنا تيقنا بحصول العلوق في حال لم يكونا من أهل اللعان فيلزمه النسب على وجه لا ينتفي بالنفي ، ثم لا يتغير ذلك بصيرورتهما من أهل اللعان ، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لزم الولد أمه ; لتوهم أن العلوق حصل بعد صيرورتها من أهل اللعان ; فإن .

( قيل ) فكذلك يتوهم حصول العلوق قبل العتق والإسلام ; لأن الولد قد يبقى في البطن إلى سنتين ( قلنا ) : نعم ، ولكن قطع النسب باللعان في موضع الاشتباه ، والاشتباه يمنع قطع النسب ; وهذا لأن سبب قطع النسب هو اللعان ، وقد تحقق فما لم يظهر المانع ، وجب العمل به ; ولأن الحل قائم بينهما ومتى كان الحل قائما يستند العلوق إلى أقرب الأوقات ، وإن كان للمسلم امرأة كتابية فولدت فنفاه فهو ابنه ، ولا حد عليه ، ولا لعان ; لأنها غير محصنة ونسب الولد قد يثبت بالنكاح فلا ينقطع بدون اللعان .

قال : وإن أسلمت المرأة ، والزوج كافر ، ثم نفى ولده فعليه الحد ; لأنها محصنة ، وقد قذفها بالزنا ، ولا لعان بينهما ; لأنه ليس من أهل الشهادة فمتى تعذر جريان اللعان بينهما من جهة الزوج يلزم الحد ، ولا يقطع النسب عنه لتقرر سببه ، وهو العلوق ، وإن أسلما جميعا ، ثم طلقها ، ثم تزوجها ، ثم جاءت بولد فنفاه .

فنقول هذه المسألة تشتمل على فصلين : أحدهما : حكم إثبات النسب ، والآخر : حكم النفي أما حكم إثبات النسب فهو على ثلاثة أوجه : إن جاءت به لأكثر من ستة أشهر منذ تزوجها أخيرا ثبت النسب منه بحصول العلوق في النكاح الثاني ، وإن نفاه لاعنها ولزم الولد أمه لكونهما من أهل اللعان عند العلوق ، وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها أخيرا أو لأقل من سنتين منذ فارقها ثبت النسب منه لتوهم أن العلوق كان قبل الطلاق ; فإن نفاه لاعنها ، ولزم الولد أباه ; لأن حصول البينونة بعد العلوق يمنع قطع النسب باللعان ، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر منذ تزوجها أخيرا ; ولسنتين فصاعدا منذ طلقها لم يثبت النسب منه ; لأن حصول العلوق كان بعد الطلاق قبل النكاح الثاني ويصح النكاح الثاني عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله خلافا لأبي يوسف .

رحمه الله وهي [ ص: 135 ] فرع مسألة الجامع الصغير أن الحبل من الزنا لا يمنع من النكاح عندهما ، ويمنع عند أبي يوسف رحمه الله ، وكذلك أم الولد إذا أعتقها مولاها ، ثم تزوجها قبل الإقرار بانقضاء العدة فهو على الأوجه الثلاثة كما بيناه

التالي السابق


الخدمات العلمية