الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال حرة لها ولد وهما في يد رجل فأقام آخر البينة أنه تزوجها فولدت منه هذا الغلام ، وأقام ذو اليد البينة على مثل ذلك والغلام يدعي أن ذا اليد أبوه فإني أقضي ببينة ذي اليد أنه يترجح باعتبار يده في دعوى النكاح عليها ، وفي دعوى النسب يدعي الغلام ; لأنه ابنه ; لأنه في يد نفسه فإنما أثبت حق نفسه بتلك البينة ، وكذلك لو كان ذو اليد ذميا ، وشهوده مسلمون لما بينا أن ما أقام من البينة حجة على الخصم المسلم ، ولو أقام [ ص: 170 ] البينة أنه تزوجها في وقت ، وأقام ذو اليد البينة على وقت دونه فإني أقضي بها للمدعي ; لأن تاريخه أسبق ، وقد أثبت نكاحه في ، وقت لا ينازعه الآخر فإنما أثبت الآخر بعد ذلك نكاح المنكوحة ، وهو باطل .

ولو أقام ذو اليد البينة أنها امرأته تزوجها فولدت هذا الولد على فراشه ، وأقام الخارج البينة أنها أمته ولدت هذا الغلام على فراشه منه فإني أقضي به للزوج ، وأثبت نسبه منه لما بينا أن فراش النكاح يترجح على فراش الملك في حكم النسب .

( ألا ترى ) أن الحر أثبت ببينته ملك نفسه في المرأة ، وليس بمقابلته ما يوجب حريتها من الحجة فيقضي بالأمة ملكا للمدعي فيكون الولد حرا بالقيمة إن شهد شهود الزوج أنها عرية من نفسها ، وإن لم يشهدوا بذلك جعلت الأمة ، وابنها مملوكين للمدعي ; لأن الولد يتبع الأم في الملك والموجب لحرية الولد الغرور فإذا لم يثبت الغرور كان مملوكا للمدعي ثابت النسب من الزوج ; لأن المدعي أقر أنه ابنه فيعتق عليه بإقراره فتكون أمه بمنزلة أم الولد ، ولا يقال عند إثبات الغرور ينبغي أن لا يغرم الزوج قيمة الولد عند أبي حنيفة رحمه الله ; لأنه بمنزلة ولد أم الولد ، وإنما عتق بإقرار المدعي بحريته فإن هذا يكون بعد ثبوت الرق فيه ، ولم يثبت فإن ولد المغرور يكون حرا من الأصل فلهذا كان على الزوج قيمة الولد لمولاها .

التالي السابق


الخدمات العلمية