الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                467 468 469 470 471 ص: قيل لهم: أما ما رويتموه عن سعد بن مالك، فإنه قد روى عن مصعب بن سعد ، عن أبيه، خلاف ما رواه عنه الحكم .

                                                حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال ثنا عبد الله بن جعفر ، عن إسماعيل بن محمد ، عن مصعب بن سعد ، قال: "كنت آخذا على أبي المصحف، فاحتككت فأصبت فرجي، فقال: أصبت فرجك؟ قلت: نعم. فقال: اغمس يدك في التراب. ولم يأمرني أن أتوضأ".

                                                وروي عن مصعب أيضا، أن أباه أمره بغسل يده.

                                                حدثنا محمد بن خزيمة، قال: نا عبد الله بن رجاء ، قال: أنا زائدة ، عن إسماعيل ابن أبي خالد ، عن الزبير بن عدي ، عن مصعب بن سعد ، مثله. غير أنه قال: "قم فاغسل يدك".

                                                قال أبو جعفر -رحمه الله-: فقد يجوز أن يكون الوضوء الذي أراده الحكم في حديثه عن مصعب: هو غسل اليد، على ما بينه عنه الزبير بن عدي؛ ، حتى لا تتضاد الروايتان.

                                                وقد روي عن سعد من قوله: "إنه لا وضوء في ذلك".

                                                حدثنا محمد بن خزيمة، قال: نا عبد الله بن رجاء، قال: أنا زائدة ، عن إسماعيل ابن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، قال: " سئل سعد عن مس الذكر، فقال: إن كان نجسا فاقطعه، لا بأس به". " .

                                                حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: أنا هشيم ، قال: نا إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم، قال: " قال رجل لسعد: : إنه مس ذكره وهو في الصلاة، فقال: اقطعه، إنما هو بضعة منك". .

                                                فهذا سعد ، لما كشفت الروايات عنه، ثبت عنه أنه لا وضوء في مس الذكر. [ ص: 124 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 124 ] ش: هذا جواب عما روي عن سعد بن مالك -هو سعد بن أبي وقاص، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة- في وجوب الوضوء من مس الفرج، على ما روى عنه ابنه مصعب بن سعد، وعن غيره: أن سعدا - رضي الله عنه - روي عنه الأمر بالوضوء من ذلك، وروي عنه ترك الوضوء منه، وروي عنه الأمر بغمس اليد في التراب، وروي عنه الأمر بغسل اليد فقط.

                                                فمتى تكشف هذه الروايات يثبت عنه أنه لا وضوء في مس الذكر؛ فحينئذ يجوز أن يكون المراد في الوضوء الذي في رواية الحكم: هو غسل اليد، كما صرح به في رواية الزبير بن عدي؛ فبهذا ينتفي التضاد الذي بين الروايتين، ثم الأخبار التي رويت عنه في ذلك أربعة:

                                                الأول: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، عن عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن القرشي الزهري ، عن إسماعيل بن محمد بن سعد ابن أبي وقاص المدني ، عن مصعب بن سعد ... إلى آخره.

                                                وهؤلاء كلهم رجال الصحيحين ما خلا ابن مرزوق؛ فإنه أيضا ثقة، وثقه الدارقطني وغيره.

                                                الثاني: عن محمد بن خزيمة بن راشد ، عن عبد الله بن رجاء بن عمر الغداني البصري ، عن زائدة بن قدامة الثقفي الكوفي ، عن إسماعيل بن أبي خالد هرمز أبي عبد الله الكوفي ، عن الزبير بن عدي الهمداني الكوفي قاضي الري ، عن مصعب ابن سعد ... إلى آخره. وهذا أيضا إسناد صحيح.

                                                الثالث: عن محمد بن خزيمة ، عن عبد الله بن رجاء ، عن زائدة ، عن إسماعيل ابن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم، واسم أبي حازم: حصين بن عوف البجلي الأحمسي الكوفي، قيل: له صحبة ولم يصح، وأبوه أبو حازم له صحبة، روى له الجماعة.

                                                [ ص: 125 ] وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : نا وكيع ، عن إسماعيل ، عن قيس، قال: سأل رجل سعدا عن مس الذكر فقال: "إن علمت أن منك بضعة نجسة فاقطعها".

                                                الرابع: عن صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث المصري ، عن سعيد بن منصور -شيخ مسلم وأبي داود- عن هشيم بن بشير الواسطي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ... إلى آخره.

                                                وهذا أيضا إسناد صحيح.

                                                وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" : عن ابن عيينة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم قال: "سأل رجل سعد بن أبي وقاص عن مس الذكر، أيتوضأ منه؟ قال: إن كان منك شيء نجس فاقطعه".




                                                الخدمات العلمية