الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                596 597 ص: وقد روي عن بعض المتقدمين ما يدل على ذلك؛ فمن ذلك ما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال: ثنا حجاج ، قال: ثنا حماد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، أنه قال: "الرش بالرش والصب بالصب من الأبوال كلها".

                                                حدثنا محمد بن خزيمة، قال: نا حجاج، قال: نا حماد ، عن حميد ، عن الحسن أنه قال: "بول الجارية يغسل غسلا، وبول الغلام يتتبع بالماء".

                                                أفلا ترى أن سعيدا قد سوى بين حكم الأبوال كلها من الصبيان وغيرهم، فجعل ما كان منه رشا يطهر بالرش، وما كان منه صبا يطهر بالصب، ليس لأن بعضها عنده طاهر وبعضها غير طاهر، ولكنها كلها ) . عنده نجسة، وفرق بين التطهير من نجاستها عنده بضيق مخرجها وسعته.

                                                [ ص: 264 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 264 ] ش: أي قد روي عن بعض المتقدمين من التابعين ما يدل على أن الأبوال كلها سواء في النجاسة، وأنه لا فرق بين بول الذكر والأنثى، فمن ذلك ما روي عن سعيد بن المسيب .

                                                أخرجه بإسناد صحيح: عن محمد بن خزيمة ، عن الحجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن قتادة عنه.

                                                ومنه ما روي عن الحسن البصري، أخرجه أيضا بإسناد صحيح: عن ابن خزيمة ، عن الحجاج ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد الطويل .

                                                وذلك أن سعيد بن المسيب قد سوى بين حكم الأبوال كلها، سواء كانت من الصغار أو من الكبار، من الذكور والإناث؛ فحكم بأن الذي يرش منه يطهر بالرش، والذي يصب منه يطهر بالصب، وهو معنى قوله: "الرش بالرش" أي الرش من البول يطهر بالرش من الماء، والصب منه يطهر بالصب من الماء، وقوله: "من الأبوال كلها" بيان لهذا.

                                                ثم إنه لم يقل هكذا لكون بعض الأبوال عنده طاهرا وبعضها نجسا، بل الكل عنده نجسة، ولكن الفرق بين التطهير من نجاستها عنده لأجل ضيق مخرج الأبوال وسعته، فإن مخرج بول الصبي ضيق كما قلنا فيرش البول، ومخرج بول الجارية واسع فيصب البول صبا، فيقابل الرش بالرش، والصب بالصب.

                                                ومن ذلك قال الحسن البصري أيضا: بول الجارية يغسل غسلا؛ لأنه ينصب فيحتاج إلى صب الماء عليه، وبول الغلام يتتبع بالماء؛ لأنه يرتش، ولا فرق عنده أيضا في الأبوال، فقال أبو داود: قال هارون بن تميم الراسبي ، عن الحسن قال: "الأبوال كلها سواء".




                                                الخدمات العلمية